الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ مَا يُجَادِلُ فِيۤ آيَاتِ ٱللَّهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ فَلاَ يَغْرُرْكَ تَقَلُّبُهُمْ فِي ٱلْبِلاَدِ } * { كَـذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَٱلأَحْزَابُ مِن بَعْدِهِمْ وَهَمَّتْ كُـلُّ أُمَّةٍ بِرَسُولِهِمْ لِيَأْخُذُوهُ وَجَادَلُوا بِٱلْبَاطِلِ لِيُدْحِضُواْ بِهِ ٱلْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ } * { وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى ٱلَّذِينَ كَفَرُوۤاْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلنَّارِ }

قوله عز وجل: { ما يجادل في آيات الله إلا الذين كفروا } فيه وجهان:

أحدهما: ما يماري فيها، قاله السدي.

الثاني: ما يجحد بها، قاله يحيى بن سلام.

وفي الفرق بين المجادلة والمناظرة وجهان:

أحدهما: ان المجادلة لا تكون إلا بين مبطلين أو مبطل ومحق، والمناظرة بين محقين.

الثاني: أن المجادلة فتل الشخص عن مذهبه محقاً أو مبطلاً، والمناظرة التوصل إلى الحق في أي من الجهتين كان.

وقيل إنه أراد بذلك الحارث بن قيس السهمي وكان أحد المستهزئين.

{ فلا يغررك تقلبهم في البلاد } قال قتادة: إقبالهم وإدبارهم وتقلبهم في أسفارهم، وفيه وجهان:

أحدهما: لا يغررك تقلبهم في الدنيا بغير عذاب، قاله يحيى.

الثاني: لا يغررك تقلبهم في السعة والنعمة قاله مقاتل وقيل إن المسلمين قالوا نحن في جهد والكفار في السعة، فنزل { فلا يغررك تقلبهم في البلاد } حكاه النقاش وفيه حذف تقديره: فلا يغررك تقلبهم في البلاد سالمين فسيؤخذون.

قولة عز وجل: { وهمت كل أمة برسولهم ليأخذوه } فيه وجهان:

أحدهما: ليحبسوه ويعذبوه، حكاه ابن قتيبة.

الثاني: ليقتلوه، قاله قتادة والسدي. والعرب تقول: الأسير الأخيذ لأنه مأسور للقتل، وأنشد قطرب قول الشاعر:

فإما تأخذوني تقتلوني   ومن يأخذ فليس إلى خلود
وفي وقت أخذهم لرسولهم قولان:

أحدهما: عند دعائه لهم.

الثاني: عند نزول العذاب بهم.

{ وجادلوا بالباطل ليُدْحضوا به الحقَّ } قال يحيى بن سلام: جادلوا الأنبياء بالشرك ليبطلوا به الإيمان.

{ فأخذتهم } قال السدي: فعذبتهم.

{ فكيف كان عقاب } في هذا السؤال وجهان:

أحدهما: أنه سؤال عن صدق العقاب، قال مقاتل وجدوه حقاً.

الثاني: عن صفته، قال قتادة: شديد والله.

قوله عز وجل: { وكذلك حقت كلمة ربِّك على الذين كفروا } أي كما حقت على أولئك حقت على هؤلاء. وفي تأويلها وجهان:

أحدهما: وكذلك وجب عذاب ربك.

الثاني: وكذلك صدق وعد ربك.

{ أنهم أصحاب النار } جعلهم أصحابها لأنهم يلزمونها وتلزمهم.