الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ ٱلأَزِفَةِ إِذِ ٱلْقُلُوبُ لَدَى ٱلْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلاَ شَفِيعٍ يُطَاعُ } * { يَعْلَمُ خَآئِنَةَ ٱلأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي ٱلصُّدُورُ } * { وَٱللَّهُ يَقْضِي بِٱلْحَقِّ وَٱلَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لاَ يَقْضُونَ بِشَيْءٍ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلْبَصِيرُ }

قوله عز وجل: { وأنذرهم يوم الآزفة } فيه قولان:

أحدهما: يوم حضور المنية، قاله قطرب.

الثاني: يوم القيامة وسميت الآزفة لدنوها، وكل آزف دانٍ، ومنه قوله تعالىأزفت الآزفة } [النجم: 57] أي دنت القيامة.

{ إذ القلوب لَدَى الحناجر } فيه قولان:

أحدهما: أن القلوب هي النفوس بلغت الحناجر عند حضور المنية، وهذا قول من تأول يوم الآزفة بحضور المنية، قاله قتادة. ووقفت في الحناجر من الخوف فهي لا تخرج ولا تعود في أمكنتها.

{ كاظمين } فيه أربعة أوجه:

أحدها: مغمومون قاله الكلبي.

الثاني: باكون، قاله ابن جريج.

الثالث: ممسكون بحناجرهم، ماخوذ من كظم القربة وهو شد رأسها.

الرابع: ساكتون، قاله قطرب، وأنشد قول الشماخ:

فظلت كأن الطير فوق رؤوسها   صيامٌ تنائي الشمس وهي كظوم
{ ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع } في الحميم قولان:

أحدهما: انه القريب، قاله الحسن.

الثاني: الشفيق، قاله مجاهد، ومعنى الكلام: ما لهم من حميم ينفع ولا شفيع يطاع أي يجاب إلى الشفاعة، وسميت الإجابة طاعة لموافقتها إرادة المجاب.

قوله عز وجل: { يعلم خائنة الأعين } فيه خمسة أوجه:

أحدها: أنه الرمز بالعين، قاله السدي.

الثاني: هي النظرة بعد النظرة، قاله سفيان.

الثالث: مسارقة النظر، قاله ابن عباس.

الرابع: النظر إلى ما نهى عنه، قاله مجاهد.

الخامس: هو قول الإنسان ما رأيت وقد رأى، أو رأيت وما رأى، قاله الضحاك.

وفي تسميتها خائنة الأعين وجهان:

أحدهما: لأنها أخفى الإشارات فصارت بالاستخفاء كالخيانة.

الثاني: لأنها باستراق النظر إلى المحظور خيانة.

{ وما تُخفي الصدور } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: الوسوسة، قاله السدي.

الثاني: ما تضمره [عندما ترى امرأة] إذا أنت قدرت عليها أتزني بها أم لا، قاله ابن عباس.

الثالث: ما يسره الإنسان من أمانة أو خيانة، وعبر عن القلوب بالصدور لأنها مواضع القلوب.