الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا ٱلتَّوْبَةُ عَلَى ٱللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسُّوۤءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ فَأُوْلَـٰئِكَ يَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ ٱللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً } * { وَلَيْسَتِ ٱلتَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ ٱلسَّيِّئَاتِ حَتَّىٰ إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ ٱلْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ ٱلآنَ وَلاَ ٱلَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـٰئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً }

قوله تعالى: { إِنَّمَا التَّوبَةُ عَلَى اللهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ } اختلف في المراد بالجهالة على ثلاثة أقاويل:

أحدها: أن كل ذنب أصابه الإِنسان فهو بجهالة، وكل عاص عصى فهو جاهل، وهو قول أبي العالية.

والثاني: يريد يعملون ذلك عمداً، والجهالة العمد، وهو قول الضحاك، ومجاهد.

والثالث: الجهالة عمل السوء في الدنيا، وهو قول عكرمة.

{ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيبٍ } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: ثم يتوبون في صحتهم قبل موتهم، وقبل مرضهم، وهذا قول ابن عباس، والسدي.

والثاني: قبل معاينة مَلَكِ الموت، وهو قول الضحاك، وأبي مجلز.

والثالث: قبل الموت، قال عكرمة: الدنيا كلها قريب.

وقد روى قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إِنَّ اللهَ يَقْبَلُ تَوبَةَ الْعَبْد ما لَمْ يُغَرْغِرْ ".

{ وَلَيسَتِ التَّوبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوتُ } إلى قوله: { وَهُمْ كُفَّارٌ } فيه قولان:

أحدهما: وهو قول الجمهور أنها نزلت في عُصَاةِ المسلمين.

والثاني: أنها نزلت في المنافقين، وهو قول الربيع.

فَسَوّى بين مَن لَمْ يتب حتى مات، وبين من تاب عند حضور الموت وهي [حالة] يعرفها مَنْ حَضَرها.

ويحتمل أن يكون عند المعاينة في حال يعلم بها وإن منع من الإِخبار بها.