الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَٱللاَّتِي يَأْتِينَ ٱلْفَٰحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَٱسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنْكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي ٱلْبُيُوتِ حَتَّىٰ يَتَوَفَّاهُنَّ ٱلْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ ٱللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } * { وَٱللَّذَانِ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَآ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ تَوَّاباً رَّحِيماً }

قوله تعالى: { وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَائِكُمْ } يعني بالفاحشة: الزنى.

{ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِّنكُمْ } يعني بيِّنة يجب بها عليهن الحد.

{ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ في الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ } اختلفوا في إمساكهن في البيوت هل هو حد أو مُوعد بالحد على قولين:

{ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً } يعني بالسبيل الحد، وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " خُذُواْ عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّب جَلْدُ مِائَةٍ وَالرَّجْمُ ".

واختلفوا في نسخ الجَلْدِ من حد الثيِّب على قولين:

أحدهما: أنه منسوخ، وهو قول الجمهور من التابعين والفقهاء.

والثاني: أنه ثابت الحكم، وبه قال قتادة، وداود بن علي، وهذه الآية عامة في البكر والثيب، واخْتُلِفَ في نسخها على حسب اختلافهم فيها هل هو حد أو موعد بالحد، فمن قال: هي حد، جعلها منسوخة بآية النور، ومن قال: هي مُوعد بالحد، جعلها ثابتة.

قوله عز وجل: { وَالَّلذَانِ يَأْتِيَانِهَا منكُم فَئَاذُوهُمَا } فيها قولان:

أحدهما: أنها نزلت في الأبكار خاصة، وهذا قول السدي، وابن زيد.

والثاني: أنها عامة في الأبكار والثيِّب، وهو قول الحسن، وعطاء. واختلف في المعنى بقوله تعالى: { وَاللَّذَانِ يِأْتِيَانِهَا مِنكُم } على قولين:

أحدهما: الرجل والمرأة، وهو قول الحسن، وعطاء.

والثاني: البكران من الرجال والنساء، وهو قول السدي، وابن زيد.

وفي الأذى المأمور به ثلاثة أقاويل:

أحدها: التعيير والتوبيخ باللسان، وهو قول قتادة، والسدي، ومجاهد.

والثاني: أنه التعيير باللسان، والضرب بالنعال.

والثالث: أنه مجمل أخذ تفسيره في البكر من آية النور، وفي الثيِّب من السُّنّة.

فإن قيل كيف جاء ترتيب الأذى بعد الحبس؟ ففيه جوابان:

أحدهما: أن هذه الآية نزلت قبل الأولى، ثم أمر أن توضع في التلاوة بعدها، فكان الأذى أولاً، ثم الحبس، ثم الجلد أو الرجم، وهذا قول الحسن.

والثاني: أن الأذى في البكرين خاصة، والحبس في الثَّيِّبين، وهذا قول السدي.

ثم اختلف في نسخها على حسب الاختلاف في إجمالها وتفسيرها.

{ فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا } يعني تابا من الفاحشة وأصلحا دينهما، فأعرضواْ عنهما بالصفح والكف عن الأذى.