الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَسِيقَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ إِلَى ٱلّجَنَّةِ زُمَراً حَتَّىٰ إِذَا جَآءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلاَمٌ عَلَيْكُـمْ طِبْتُمْ فَٱدْخُلُوهَا خَالِدِينَ } * { وَقَـالُواْ ٱلْحَـمْدُ للَّهِ ٱلَّذِي صَدَقَنَا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا ٱلأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ ٱلْجَنَّةِ حَيْثُ نَشَآءُ فَنِعْمَ أَجْرُ ٱلْعَامِلِينَ }

قوله عز وجل: { سلام عليكم طبتم } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: طبتم بطاعة الله قاله مجاهد.

الثاني: طبتم بالعمل الصالح، قاله النقاش.

الثالث: ما حكاه مقاتل أن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر أجوافهم فذلك قولهوَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [الإنسان: 21] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم، فعندها يقول لهم خزنتها:

{ سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } فإذا دخلوها قالوا { الحمد لله الذي صدقنا وعده }.

وفي معنى طبتم ثلاثة أوجه:

أحدها: نعمتم، قاله الضحاك.

الثاني: كرمتم، قاله ثعلب.

الثالث: زكوتم، قاله الفراء وابن عيسى.

{ وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده } وعده في الدنيا بما نزل به القرآن، وفيه وجهان:

أحدهما: أنه وعده بالجنة في الآخرة ثواباً على الإيمان.

الثاني: أنه وعده في الدنيا بظهور دينه على الأديان، وفي الآخرة بالجزاء على الإيمان. { وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاءُ } وفي هذه الأرض قولان:

أحدهما: أرض الجنة، قاله أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وأكثر المفسرين.

الثاني: أرض الدنيا. فإن قيل إنها أرض الجنة ففي تسميتها ميراثاً وجهان:

أحدهما: لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث.

الثاني:لأنهم ورثوها من أهل النار، وتكون هذه الأرض من جملة الجزاء والثواب، والجنة في أرضها كالبلاد في أرض الدنيا لوقوع التشابه بينهما قضاء بالشاهد على الغائب.

{ نتبوأ من الجنة حيث نشآء } يعني منازلهم التي جوزوا بها، لأنهم مصروفون عن إرادة غيرها.

وفي تأويل قوله { حيث نشاء } وجهان:

أحدهما: حيث نشاء من منزلة وعلو.

الثاني: حيث نشاء من منازل ومنازه، فإن قيل إنها أرض الدنيا فهي من النعم دون الجزاء.

ويحتمل تأويله وجهين:

أحدهما: أورثنا الأرض بجهادنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بثوابنا.

الثاني: وأورثنا الأرض بطاعة أهلها لنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بطاعتنا له لأنهم أطاعوا فأطيعوا.

{ فنعم أجر العاملين } يحتمل وجهين:

أحدهما: فنعم أجر العاملين في الدنيا الجنة في الآخرة.

الثاني: فنعم أجر من أطاع أن يطاع.