قوله عز وجل: { سلام عليكم طبتم } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: طبتم بطاعة الله قاله مجاهد. الثاني: طبتم بالعمل الصالح، قاله النقاش. الثالث: ما حكاه مقاتل أن على باب الجنة شجرة ينبع من ساقها عينان يشرب المؤمنون من إحداهما فتطهر أجوافهم فذلك قوله{ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَاباً طَهُوراً } [الإنسان: 21] ثم يغتسلون من الأخرى فتطيب أبشارهم، فعندها يقول لهم خزنتها: { سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين } فإذا دخلوها قالوا { الحمد لله الذي صدقنا وعده }. وفي معنى طبتم ثلاثة أوجه: أحدها: نعمتم، قاله الضحاك. الثاني: كرمتم، قاله ثعلب. الثالث: زكوتم، قاله الفراء وابن عيسى. { وقالوا الحمد لله الذي صدقنا وعده } وعده في الدنيا بما نزل به القرآن، وفيه وجهان: أحدهما: أنه وعده بالجنة في الآخرة ثواباً على الإيمان. الثاني: أنه وعده في الدنيا بظهور دينه على الأديان، وفي الآخرة بالجزاء على الإيمان. { وأورثنا الأرض نتبوأ من الجنة حيث نشاءُ } وفي هذه الأرض قولان: أحدهما: أرض الجنة، قاله أبو العالية وأبو صالح وقتادة والسدي وأكثر المفسرين. الثاني: أرض الدنيا. فإن قيل إنها أرض الجنة ففي تسميتها ميراثاً وجهان: أحدهما: لأنها صارت إليهم في آخر الأمر كالميراث. الثاني:لأنهم ورثوها من أهل النار، وتكون هذه الأرض من جملة الجزاء والثواب، والجنة في أرضها كالبلاد في أرض الدنيا لوقوع التشابه بينهما قضاء بالشاهد على الغائب. { نتبوأ من الجنة حيث نشآء } يعني منازلهم التي جوزوا بها، لأنهم مصروفون عن إرادة غيرها. وفي تأويل قوله { حيث نشاء } وجهان: أحدهما: حيث نشاء من منزلة وعلو. الثاني: حيث نشاء من منازل ومنازه، فإن قيل إنها أرض الدنيا فهي من النعم دون الجزاء. ويحتمل تأويله وجهين: أحدهما: أورثنا الأرض بجهادنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بثوابنا. الثاني: وأورثنا الأرض بطاعة أهلها لنا نتبوأ من الجنة حيث نشاء بطاعتنا له لأنهم أطاعوا فأطيعوا. { فنعم أجر العاملين } يحتمل وجهين: أحدهما: فنعم أجر العاملين في الدنيا الجنة في الآخرة. الثاني: فنعم أجر من أطاع أن يطاع.