الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰعِبَادِيَ ٱلَّذِينَ أَسْرَفُواْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لاَ تَقْنَطُواْ مِن رَّحْمَةِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ يَغْفِرُ ٱلذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ } * { وَأَنِـيبُوۤاْ إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُواْ لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ ٱلْعَذَابُ ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ } * { وَٱتَّبِعُـوۤاْ أَحْسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُـمْ مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } * { أَن تَقُولَ نَفْسٌ يٰحَسْرَتَا عَلَىٰ مَا فَرَّطَتُ فِي جَنبِ ٱللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ ٱلسَّاخِرِينَ } * { أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ ٱللَّهَ هَدَانِي لَكُـنتُ مِنَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى ٱلْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَـرَّةً فَأَكُونَ مِنَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { بَلَىٰ قَدْ جَآءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَٱسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ ٱلْكَافِرِينَ }

قوله عز وجل: { قُلْ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } أي أسرفوا على أنفسهم في الشرك.

ويحتمل ثانياً: أسرفوا على أنفسهم في ارتكاب الذنوب مع ثبوت الإيمان والتزامه { لا تقنطوا من رحمة الله } أي لا تيأسوا من رحمته.

{ إن الله يغفر الذنوب جميعاً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يغفرها بالتوبة منها، قاله الحسن.

الثاني: يغفرها بالعفو عنها إلا الشرك.

الثالث: يغفر الصغائر باجتناب الكبائر.

{ إنه هو الغفور الرحيم } قيل نزلت هذه الآية والتي بعدها في وحشي قاتل حمزة، قاله الحسن والكلبي، وقال علي عليه السلام: ما في القرآن آية أوسع منها. وروى ثوبان قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما أحب أن لي الدنيا وما عليها بهذه الآية ".

قوله عز وجل: { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } فيه خمسة تأويلات:

أحدها: هو ما أمرهم الله به في الكتاب، قاله السدي.

الثاني: أن يأخذوا ما أمر وينتهوا عما نهوا عنه، قاله الحسن.

الثالث: هو الناسخ دون المنسوخ، حكاه ابن عيسى.

الرابع: هو طاعة الله تعالى في الحرام والحلال قاله ابن زياد.

الخامس: تأدية الفرائض، قاله زيد بن علي، ومعاني أكثرها متقاربة.

ويحتمل سادساً: أنه الأخذ بالعزيمة دون الرخصة. وجعله منزلاً عليهم لأنه منزل إليهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم.

قوله عز وجل: { أن تقول نفس يا حَسْرتَا } فيه وجهان:

أحدهما: معناه لئلا تقول نفس.

الثاني: أن لا تقول نفس، والألف التي في يا حسرتا بدل من ياء الإضافة ففعل ذلك في الاستغاثة لمدة الصوت بها.

{ على ما فرطت في جنب الله } فيه ستة تأويلات:

أحدها: في مجانبة أمر الله، قاله مجاهد والسدي.

الثاني: في ذات الله، قاله الحسن.

الثالث: في ذكر الله، قاله السدي، وذكر الله هنا القرآن.

الرابع: في ثواب الله من الجنة حكاه النقاش.

الخامس: في الجانب المؤدي إلى رضا الله، والجنب والجانب سواء.

السادس: في طلب القرب من الله ومنه قوله تعالى { والصاحب بالجنب } أي بالقرب.

{ وإن كنت لمن الساخرين } فيه وجهان: أحدهما: من المستهزئين في الدنيا بالقرآن، قاله النقاش.

الثاني: بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين، قاله يحيى بن سلام.