قوله عز وجل: { قُلْ يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم } أي أسرفوا على أنفسهم في الشرك. ويحتمل ثانياً: أسرفوا على أنفسهم في ارتكاب الذنوب مع ثبوت الإيمان والتزامه { لا تقنطوا من رحمة الله } أي لا تيأسوا من رحمته. { إن الله يغفر الذنوب جميعاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يغفرها بالتوبة منها، قاله الحسن. الثاني: يغفرها بالعفو عنها إلا الشرك. الثالث: يغفر الصغائر باجتناب الكبائر. { إنه هو الغفور الرحيم } قيل نزلت هذه الآية والتي بعدها في وحشي قاتل حمزة، قاله الحسن والكلبي، وقال علي عليه السلام: ما في القرآن آية أوسع منها. وروى ثوبان قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " ما أحب أن لي الدنيا وما عليها بهذه الآية ". قوله عز وجل: { واتبعوا أحسن ما أنزل إليكم من ربكم } فيه خمسة تأويلات: أحدها: هو ما أمرهم الله به في الكتاب، قاله السدي. الثاني: أن يأخذوا ما أمر وينتهوا عما نهوا عنه، قاله الحسن. الثالث: هو الناسخ دون المنسوخ، حكاه ابن عيسى. الرابع: هو طاعة الله تعالى في الحرام والحلال قاله ابن زياد. الخامس: تأدية الفرائض، قاله زيد بن علي، ومعاني أكثرها متقاربة. ويحتمل سادساً: أنه الأخذ بالعزيمة دون الرخصة. وجعله منزلاً عليهم لأنه منزل إليهم على نبيهم صلى الله عليه وسلم. قوله عز وجل: { أن تقول نفس يا حَسْرتَا } فيه وجهان: أحدهما: معناه لئلا تقول نفس. الثاني: أن لا تقول نفس، والألف التي في يا حسرتا بدل من ياء الإضافة ففعل ذلك في الاستغاثة لمدة الصوت بها. { على ما فرطت في جنب الله } فيه ستة تأويلات: أحدها: في مجانبة أمر الله، قاله مجاهد والسدي. الثاني: في ذات الله، قاله الحسن. الثالث: في ذكر الله، قاله السدي، وذكر الله هنا القرآن. الرابع: في ثواب الله من الجنة حكاه النقاش. الخامس: في الجانب المؤدي إلى رضا الله، والجنب والجانب سواء. السادس: في طلب القرب من الله ومنه قوله تعالى { والصاحب بالجنب } أي بالقرب. { وإن كنت لمن الساخرين } فيه وجهان: أحدهما: من المستهزئين في الدنيا بالقرآن، قاله النقاش. الثاني: بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالمؤمنين، قاله يحيى بن سلام.