قوله عز وجل: { الله نزّل أحسن الحديث } يعني القرآن، ويحتمل تسميته حديثاً وجهين: أحدهما: لأنه كلام الله، والكلام يسمى حديثاً كما سمي كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً. الثاني: لأنه حديث التنزيل بعدما تقدمه من الكتب المنزلة على من تقدم من الأنبياء. ويحتمل وصفه بأحسن الحديث وجهين: أحدهما: لفصاحته وإعجازه. الثاني: لأنه أكمل الكتب وأكثرها إحكاماً. { كِتاباً متشابها } فيه قولان: أحدهما: يشبه بعضه بعضاً من الآي والحروف، قاله قتادة. الثاني: يشبه بعضه بعضاً في نوره وصدقه وعدله، قاله يحيى بن سلام. ويحتمل ثالثاً: يشبه كتب الله المنزلة على أنبيائه لما يتضمنه من أمر ونهي وترغيب وترهيب، وإن كان أعم وأعجز. ثم وصفه فقال: { مثاني } وفيه سبعة تأويلات: أحدها: ثنى الله فيه القضاء، قاله الحسن وعكرمة. الثاني: ثنى الله فيه قصص الأنبياء، قاله ابن زيد. الثالث: ثنى الله فيه ذكر الجنة والنار، قاله سفيان. الرابع: لأن الآية تثنى بعد الآية، والسورة بعد السورة، قاله الكلبي. الخامس: يثنى في التلاوة فلا يمل لحسن مسموعه، قاله ابن عيسى. السادس: معناه يفسر بعضه بعضاً، قاله ابن عباس. السابع: أن المثاني اسم لأواخر الآي، فالقرآن اسم لجميعه، والسورة اسم لكل قطعة منه، والآية اسم لكل فصل من السورة، والمثاني اسم لآخر كل آية منه، قاله ابن بحر. { تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنها تقشعر من وعيده وتلين من وعده، قال السدي. الثاني: أنها تقشعر من الخوف وتلين من الرجاء، قاله ابن عيسى. الثالث: تقشعر الجلود لإعظامه، وتلين عند تلاوته.