الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلْ يٰعِبَادِ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ رَبَّكُمْ لِلَّذِينَ أَحْسَنُواْ فِي هَـٰذِهِ ٱلدُّنْيَا حَسَنَةٌ وَأَرْضُ ٱللَّهِ وَاسِعَةٌ إِنَّمَا يُوَفَّى ٱلصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ } * { قُلْ إِنِّيۤ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ ٱللَّهَ مُخْلِصاً لَّهُ ٱلدِّينَ } * { وَأُمِرْتُ لأَنْ أَكُونَ أَوَّلَ ٱلْمُسْلِمِينَ }

قوله عز وجل: { للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنةٌ } فيه وجهان:

أحدهما: معناه، للذين أحسنوا في هذه الدنيا حسنة في الآخرة، وهي الجنة.

الثاني: للذين أحسنوا في الدنيا حسنة في الدنيا فيكون ذلك زائداً على ثواب الآخرة.

وفيما أريد بالحسنة التي لهم في الدنيا أربعة أوجه:

أحدها: العافية والصحة، قاله السدي.

الثاني: ما رزقهم الله من خير الدنيا، قاله يحيى بن سلام.

الثالث: ما أعطاهم من طاعته في الدنيا وجنته في الآخرة، قاله الحسن.

الرابع: الظفر والغنائم، حكاه النقاش.

ويحتمل خامساً: إن الحسنة في الدنيا الثناء وفي الآخرة الجزاء.

{ وأرض الله واسعة } فيها قولان:

أحدهما: أرض الجنة رغبهم في سعتها، حكاه ابن عيسى.

الثاني: هي أرض الهجرة، قاله عطاء.

ويحتمل ثالثاً: أن يريد بسعة الأرض سعة الرزق لأنه يرزقهم من الأرض فيكون معناه. ورزق الله واسع، وهو أشبه لأنه أخرج سعتها مخرج الامتنان بها.

{ إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب } فيه أربعة أوجه:

أحدها: يعني بغير مَنٍّ عليهم ولا متابعة، قاله السدي.

الثاني: لا يحسب لهم ثواب عملهم فقط ولكن يزدادون على ذلك، قاله ابن جريج.

الثالث: لا يعطونه مقدراً لكن جزافاً.

الرابع: واسعاً بغير تضييق قال الراجز:

يا هند سقاك بلا حسابه   سقيا مليك حسن الربابة
وحكي عن علي كرم الله وجهه قال: كل أجر يكال كيلاً ويوزن وزناً إلا أجر الصابرين فإنه يحثى حثواً.