الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ هَـٰذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ } * { جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ ٱلْمِهَادُ } * { هَـٰذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ } * { وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ } * { هَـٰذَا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ ٱلنَّارِ } * { قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ ٱلْقَرَارُ } * { قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هَـٰذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي ٱلنَّارِ } * { وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نَرَىٰ رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ ٱلأَشْرَارِ } * { أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ ٱلأَبْصَار } * { إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ ٱلنَّارِ }

قوله عز وجل: { هذا فليذوقوه حميمٌ وغساق } أي منه حميم ومنه غساق والحميم الحار، وفي الغساق ستة أوجه:

أحدها: أنه البارد الزمهرير، قاله ابن عباس فكأنهم عذبوا بحارّ التراب وبارده.

الثاني: أنه القيح الذي يسيل من جلودهم، قاله عطية.

الثالث: أنه دموعهم التي تسيل من أعينهم، قاله قتادة.

الرابع: أنها عين في جهنم تسيل إليها حِمة كل ذي حِمة من حية أو عقرب، قاله كعب الأحبار.

الخامس: أنه المنتن، رواه أبو سعيد الخدري مرفوعاً.

السادس: أنه السواد والظلمة وهو ضد ما يراد من صفاء الشراب ورقته، قاله ابن بحر.

وفي هذا الاسم وجهان:

أحدهما: حكاه النقاش أنه بلغة الترك.

الثاني: حكاه ابن بحر وابن عيسى أنه عربي مشتق واختلف في اشتقاقه على وجهين:

أحدهما: من الغسق وهو الظمة، قاله ابن بحر.

الثاني: من غسقت القرحة تغسق غسقاً. إذا جرت، وأنشد قطرب قول الشاعر:

فالعين مطروقة لبينهم   تغسق في غربة سرها
وإليه ذهب ابن عيسى.

وفي { غساق } قراءتان بالتخفيف والتشديد وفيها وجهان:

أحدهما: أنهما لغتان معناهما واحد، قاله الأخفش.

الثاني: معناهما مختلف والمراد بالتخفيف الاسم وبالتشديد الفعل وقيل إن في الكلام تقديماً وتأخيراً، وتقديره: هذا حميم وهذا غساق فليذوقوه.

قوله عز وجل: { وآخر مِنْ شكله أزواج } فيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: وآخر من شكل العذاب أنواع، قاله السدي.

الثاني: وآخر من شكل عذاب الدنيا أنواع في الآخرة لم تر في الدنيا، قاله الحسن.

الثالث: أنه الزمهرير، قاله بن مسعود.

وفي الأزواج هنا ثلاثة أوجه:

أحدها: أنواع.

الثاني: ألوان.

الثالث: مجموعة.

قوله عز وجل: { هذا فوج مقتحم معكم... } فوج بعد فوج أي قوم بعد قوم، مقتحمون النار أي يدخلونها.وفي الفوج قولان:

أحدهما: أنهم بنو إبليس.

والثاني: بنو آدم، قاله الحسن.

والقول الثاني: أن كلا الفوجين بنو آدم إلى أن الأول الرؤساء والثاني الأتباع. وحكىالنقاش أن الفوج الأول قادة المشركين ومطعموهم يوم بدر، والفوج الثاني أتباعهم ببدر.

وفي القائل { هذا فوجٌ مقتحم معكم } قولان:

أحدهما: الملائكة قالوا لبني إبليس لما تقدموا في النار هذا فوج مقتحم معكم إشارة لبني آدم حين دخلوها. قال بنو إبليس { لا مرحَباً بهم إنهم صالوا النار قالوا } أي بنو آدم: { بل أنتم لا مرحباً بكم أنتم قدمتموه لنا فبئس القرار }.

والقول الثاني: أن الله قال للفوج الأول حين أمر بدخول الفوج الثاني: { هذا فوج مقتحم معكم } فأجابوه { لا مرحباً بهم إنهم صالوا النار } فأجابهم الفوج الثاني { بل أنتم مرحباً بكم أنتم قدمتموه لنا } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه أنتم شرعتموه لنا وجعلتم لنا إليه قدماً، قاله الكلبي.

الثاني: قدمتم لنا هذا العذاب بما أضللتمونا عن الهدى { فبئس القرار } أي بئس الدار النار، قاله الضحاك.

السابقالتالي
2