الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّا زَيَّنَّا ٱلسَّمَآءَ ٱلدُّنْيَا بِزِينَةٍ ٱلْكَوَاكِبِ } * { وَحِفْظاً مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ } * { لاَّ يَسَّمَّعُونَ إِلَىٰ ٱلْمَلإِ ٱلأَعْلَىٰ وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ } * { دُحُوراً وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ } * { إِلاَّ مَنْ خَطِفَ ٱلْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ }

قوله عز وجل: { إنا زينا السماء الدنيا بزينةٍ الكواكب } يحتمل تخصيص سماء الدنيا بالذكر وجهين:

أحدهما: لاختصاصها بالدنيا.

الثاني: لاختصاصها بالمشاهدة، وقوله بزينة الكواكب لأن من الكواكب ما خلق للزينة، ومنها ما خلق لغير الزينة.

حكى عقبة بن زياد عن قتادة قال: خلقت النجوم لثلاث:رجوماً للشياطين ونوراً يهتدى به، وزينة لسماء الدنيا.

{ وحفظاً مِن كُلِّ شيطان مارِدٍ } فيه وجهان:

أحدهما: يعني من الكواكب حفظاً من كل شيطان، قاله السدي.

الثاني: أن الله سبحانه حفظ السماء من كل شيطان مارد، قاله قتادة.

وفي المارد ثلاثة أوجه:

أحدها: الممتنع، قاله ابن بحر.

الثاني: العاتي مأخوذ من التمرد وهو العتو.

الثالث: أنه المتجرد من الخير، من قولهم شجرة مرداء، إذا تجردت من الورق.

قوله عز وجل: { لا يسمعون إلى الملإِ الأعلى } فيه قولان:

أحدهما: أنهم منعوا بها أن يسمعوا أو يتسمعوا، قاله قتادة.

الثاني: أنهم يتسمعون ولا يسمعون، قاله ابن عباس.

وفي الملإ الأعلى قولان:

أحدهما: السماء الدنيا، قاله قتادة.

الثاني: الملائكة، قاله السدي.

{ ويُقذفون من كل جانب } قال مجاهد: يرمون من كل مكان من جوانبهم، وقيل من جوانب السماء.

{ دُحوراً } فيه تأويلان:

أحدهما: قذفاً في النار، قاله قتادة.

الثاني: طرداً بالشهب، وهو معنى قول مجاهد.

قال ابن عيسى: والدحور: الدفع بعنف.

{ ولهم عذابٌ واصبٌ } فيه وجهان:

أحدهما: دائم.

الثاني: أنه الذي يصل وجعه إلى القلوب، مأخوذ من الوصب.

قوله عز وجل: { إلا من خَطِفَ الخطفَة } فيه تأويلان:

أحدهما: إلا من استرق السمع، قاله سعيد بن جبير، مأخوذ من الاختطاف وهو الاستلاب بسرعة، ومنه سمي الخطاف.

الثاني: من وثب الوثبة، قاله علي بن عيسى. { فأتبعه شهابٌ ثاقب } فيه وجهان:

أحدهما: أنه الشعلة من النار.

الثاني: أنه النجم.

وفي الثاقب ستة أوجه:

أحدها: أنه الذي يثقب، قاله زيد الرقاشي.

الثاني: أنه المضيء، قاله الضحاك.

الثالث: أنه الماضي، حكاه ابن عيسى.

الرابع: أنه العالي، قاله الفراء.

الخامس: أنه المحرق، قاله السدي.

السادس: أنه المستوقد، من قولهم: اثقب زندك أي استوقد نارك، قاله زيد بن أسلم والأخفش، وأنشد قول الشاعر:

بينما المرء شهابٌ ثاقب   ضَرَبَ الدَّهر سناه فخمد
و { إلا } ها هنا بمعنى لكن عند سيبويه. وقيل: إن الشهاب يحرقهم ليندفعوا عن استراق السمع ولا يموتون منه.