الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ أَصْحَابَ ٱلْجَنَّةِ ٱليَوْمَ فِي شُغُلٍ فَاكِهُونَ } * { هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلاَلٍ عَلَى ٱلأَرَآئِكِ مُتَّكِئُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ وَلَهُمْ مَّا يَدَّعُونَ } * { سَلاَمٌ قَوْلاً مِّن رَّبٍّ رَّحِيمٍ }

قوله عز وجل: { إن أصحاب الجنة اليوم في شُغُل فاكهون } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: في افتضاض الأبكار، قاله الحسن وسعيد بن جبير وابن مسعود وقتادة.

الثاني: في ضرب الأوتار، قاله ابن عباس ومسافع بن أبي شريح.

الثالث: في نعمة، قاله مجاهد.

الرابع: في شغل مما يَلقى أهل النار، قاله إسماعيل بن أبي خالد وأبان بن تغلب. وروي بضم الغين وقرىء بتسكينها وفيها وجهان:

أحدهما: أن الشغل بالضم المحبوب.

الثاني: الشغل بالإسكان يعني المروة، فعلى هذا لا يجوز أن يقرأ بالإسكان في أهل الجنة ولا يقرأ بالضم في أهل النار.

{ فاكهون } ويقرأ: فكهون، بغير ألف. وفي اختلاف القراءتين وجهان:

أحدهما: أنها سواء ومعناهما واحد يقال فاكه وفكه كا يقال حاذر وحذر قاله الفراء.

الثاني: أن معناهما في اللغة مختلف فالفكه الذي يتفكه بأعراض الناس. والفاكه ذو الفاكهة، قاله أبو عبيد وأنشد:

فكه إلى جنب الخوان إذا عدت   نكْباء تقلع ثابت الأطنابِ
وفيه ها هنا أربعة تأويلات:

أحدها: فرحون، قاله ابن عباس.

الثاني: ناعمون، قاله قتادة.

الثالث: معجبون، قاله مجاهد.

الرابع: ذو فاكهة كما يقال شاحم لاحم أي ذو شحم ولحم، وكما قال الشاعر:

وغررتني وزعمت أنَّك لابنٌ بالصيف تامر   
أي ذو لبن وتمر.

قوله عز وجل: { هم وأزواجُهم في ظلال } فيه وجهان:

أحدهما: وأزواجهم في الدنيا من وافقهم على إيمانهم.

الثاني: أزواجهم اللاتي زوّجهم الله تعالى بهن في الجنة من الحور العين.

{ في ظِلال } يحتمل وجهين:

أحدهما: في ظلال النعيم.

الثاني: في ظلال تسترهم من نظر العيون إليهم.

قوله عز وجل: { لهم فيها فاكهةٌ ولهُم ما يَدَّعون } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: ما يشتهون، قاله يحيى بن سلام.

الثاني: ما يسألون، قاله ابن زياد. الثالث: ما يتمنون، قاله أبو عبيدة.

الرابع: ما يدعونه فيأتيهم، قاله الكلبي قال الزجاج: وهو مأخوذ من الدعاء.

ويحتمل خامساً: ما يدّعون أنه لهم فهو لهم لا يدفعون عنه، وهم مصروفون عن دعوى ما لا يستحقون.

قوله عز وجل: { سلامٌ قولاً مِن رَبِّ رحيم } فيه وجهان:

أحدهما: أنه سلام الله تعالى عليهم إكراماً لهم، قاله محمد بن كعب.

الثاني: أنه تبشير الله تعالى لهم بسلامتهم.