قوله عز وجل: { ونفخ في الصور } وهذه هي النفخة الثانية للنشأة وقيل إن بينهما أربعين سنة. روى المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين النفختين أربعون: الأولى يميت الله سبحانه بها كل حي، والآخرة يحيي الله بها كل ميت " والنفخة الثانية من الآخرة. وفي الأولى قولان: أحدهما: أنها من الدنيا، قاله عكرمة. الثاني: أنها من الآخرة، قاله الحسن. { فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } والأجداث القبور، وأحدها جدث. وفي قوله تعالى { ينسلون } ثلاثة تأويلات: أحدها: يخرجون، قاله ابن عباس وقتادة، قال الشاعر:
.....................
فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي
الثاني: يسرعون، كقول الشاعر:
عسلان الذئب أمسى قاربا
بَرَدَ الليلُ عليه فنسل
الثالث: يتخلصون من السلو، قاله ابن بحر. قوله عز وجل: { قالوا يا ويلنا من بعثنا مِن مَرقدنا } قال قتادة: هي النومة بين النفختين لا يفتر عنهم عذاب القبر إلا فيها. وفي تأويل هذا القول قولان: أحدهما: أنه قول المؤمنين ثم يجيبون أنفسهم فيقولون: { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } حكاه ابن عيسى. الثاني: أنه قول الكفار لإنكارهم البعث فيقال لهم: { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون }. وفي قائل ذلك لهم قولان: أحدهما: أنه قول المؤمنين لهم عند قيامهم من الأجداث معهم، قاله قتادة. الثاني: أنه قول الملائكة لهم، قاله الحسن. وفي { هذا } وجهان: أحدهما: أنه إشارة إلى المرقد تماماً لقوله تعالى { من بعثنا من مرقدنا هذا } وعليه يجب أن يكون الوقف. الثاني: أنه ابتداء { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } فيكون إشارة إلى الوعد ويكون الوقف قبله والابتداء منه.