الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَنُفِخَ فِي ٱلصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ ٱلأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ } * { قَالُواْ يٰوَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَذَا مَا وَعَدَ ٱلرَّحْمـٰنُ وَصَدَقَ ٱلْمُرْسَلُونَ } * { إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ } * { فَٱلْيَوْمَ لاَ تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَلاَ تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ }

قوله عز وجل: { ونفخ في الصور } وهذه هي النفخة الثانية للنشأة وقيل إن بينهما أربعين سنة. روى المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " بين النفختين أربعون: الأولى يميت الله سبحانه بها كل حي، والآخرة يحيي الله بها كل ميت "

والنفخة الثانية من الآخرة. وفي الأولى قولان:

أحدهما: أنها من الدنيا، قاله عكرمة.

الثاني: أنها من الآخرة، قاله الحسن.

{ فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون } والأجداث القبور، وأحدها جدث. وفي قوله تعالى { ينسلون } ثلاثة تأويلات:

أحدها: يخرجون، قاله ابن عباس وقتادة، قال الشاعر:

.....................   فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي
الثاني: يسرعون، كقول الشاعر:

عسلان الذئب أمسى قاربا   بَرَدَ الليلُ عليه فنسل
الثالث: يتخلصون من السلو، قاله ابن بحر.

قوله عز وجل: { قالوا يا ويلنا من بعثنا مِن مَرقدنا } قال قتادة: هي النومة بين النفختين لا يفتر عنهم عذاب القبر إلا فيها. وفي تأويل هذا القول قولان:

أحدهما: أنه قول المؤمنين ثم يجيبون أنفسهم فيقولون: { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } حكاه ابن عيسى.

الثاني: أنه قول الكفار لإنكارهم البعث فيقال لهم: { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون }.

وفي قائل ذلك لهم قولان:

أحدهما: أنه قول المؤمنين لهم عند قيامهم من الأجداث معهم، قاله قتادة.

الثاني: أنه قول الملائكة لهم، قاله الحسن.

وفي { هذا } وجهان:

أحدهما: أنه إشارة إلى المرقد تماماً لقوله تعالى { من بعثنا من مرقدنا هذا } وعليه يجب أن يكون الوقف.

الثاني: أنه ابتداء { هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون } فيكون إشارة إلى الوعد ويكون الوقف قبله والابتداء منه.