الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَأَقْسَمُواْ بِٱللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَآءَهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَىٰ مِنْ إِحْدَى ٱلأُمَمِ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً } * { ٱسْتِكْبَاراً فِي ٱلأَرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيِّىءِ وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيِّىءُ إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتَ ٱلأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً }

قوله عز وجل: { وَأَقْسَمُواْ بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ } هم قريش أقسموا قبل أن يبعث الله تعلى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم، حين بلغهم أن أهل الكتاب كذبوا رسلهم، فلعنوا من كذب نبيه منهم، وحلفوا بالله جل اسمه يميناً.

{ لَئِن جَآءَهُم نَذِيرٌ } أي نبي.

{ لَّيَكُوننَّ أَهْدَى مِنْ إحْدَى الأُمَمْ } يعني ممن كذب الرسل من أهل الكتاب.

{ فَلَمَّا جَآءَهُمْ نَذِيرٌ } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم.

{ مَّا زَادَهُمْ إلاَّ نُفُوراً } فيه وجهان:

أحدهما: نفوراً عن الرسول.

الثاني: نفوراً عن الحق.

قوله عز وجل: { اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ } فيه وجهان:

أحدهما: استكباراً عن عبادة الله، قاله يحيى بن سلام.

الثاني: استكباراً بمعاصي الله، وهذا قول متأخر.

{ وَمَكْرَ السَّيِّىءِ } فيه وجهان:

أحدهما: الشرك بالله، قاله يحيى.

الثاني: أنه المكر برسول الله صلى الله عليه وسلم ودينه كما قال تعالى:وَإذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ } [الأنفال: 30] الآية.

{ وَلاَ يَحِيقُ الْمُكْرُ السَّيِّىءُ إلاَّ بِأَهْلِهِ } فيه وجهان:

أحدهما: قاله الكلبي، يحيق بمعنى يحيط.

الثاني: قاله قطرب، يحيق بمعنى ينزل، وأنشد قول الشاعر:

وقد دفعوا المنية فاستقلت   ذراعاً بعدما كادت تحيقُ
قال فعاد ذلك عليهم بقتلهم يوم بدر.

{ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ الأَوَّلِينَ } يعني سنة الله في الأولين، وفيها وجهان:

أحدهما: نزول العذاب بهم عند إصرارهم في التكذيب.

الثاني: لا تقبل منهم التوبة عند نزول العذاب.