{ وَمَا يَسْتَوِي الْبَحْرَانِ } يحتمل وجهين: أحدهما: ما يستويان في أنفسهما. الثاني: في منافع الناس بهما. { هذَا عَذْبٌ فُراتٌ } والفرات هو العذب وذكره تأكيداً لاختلاف اللفظين كما يقال هذا حسن جميل. { سَآئَغٌ شَرَابُهُ } أي ماؤه. { وَهذا مِلْحٌ أُجَاجٌ } أي مُرٌّ مأخوذ من أجة النار كأنه يحرق من شدة المرارة، قال الشاعر:
دُرَّةٌ في اليمين أخرجها الغا
ئص من قعر بحر ملح أجاج
{ وَمِن كُلٍّ تَأكُلُونَ لَحْماً طَرِيّاً } يعني لحم الحيتان مأكول من كلا البحرين. { وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا } اللؤلؤ والمرجان يستخرج من الملح، ويكون المراد أحدهما وإن عطف بالكلام عليهما. وقيل: بل هو مأخوذ منهما لأن في البحر عيوناً عذبة، وما بينهما يخرج اللؤلؤ عند التمازج وقيل من مطر السماء. ثم قال: { تَلْبَسُونَهَا } وإن لبسها النساء دون الرجال لأن جمالها عائد عليهم جميعاً. { وَتَرى الْفُلْكَ فِيهِ مَوَاخِرَ } فيه خمسة أوجه: أحدها: مقبلة ومدبرة وريح واحدة، قاله يحيى بن سلام. الثاني: مواقر، قاله الحسن. قال الشاعر:
تراها إذا راحت ثقالاً كأنها
مواخر فلك أو نعام حوافل
الثالث: معترضة، قاله أبو وائل. الرابع: جواري، قاله ابن قتيبة. الخامس: تمخر الماء أي تشقه في جريها شقاً، قاله علي بن عيسى. { لِتَبْتَغُواْ مِن فَضْلِهِ } قال مجاهد: التجاة في الفلك. ويحتمل وجهاً آخر ما يستخرج من حليته ويصاد من حيتان. { وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ } [فيه وجهان]: أحدهما: على ما آتاكم من نعمه. الثاني: على ما آتاكم من فضله. ويحتمل ثالثاً: على ما أنجاكم من هوله.