قوله عز وجل: { وَمَآ أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ } يعني من نبي ينذرهم بعذاب الله. { إلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا } فيهم ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني جبابرتها، قاله ابن جريج. الثاني: أغنياؤها، قاله يحيى بن سلام. الثالث: ذوو النعم والبطر، قاله ابن عيسى. قوله عز وجل: { نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالاً وأَوْلاَداً } قالوا ذلك للأنبياء والفقراء ويحتمل قولهم ذلك وجهين: أحدهما: أنهم بالغنى والثروة أحق بالنبوة. الثاني: أنهم أولى بما أنعم الله عليهم من الغنى أن يكونوا على طاعة. { وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ } يحتمل وجهين: أحدهما: أي ما عذبنا بما أنتم فيه من الفقر. الثاني: أي ما أنعم الله علينا بهذه النعمة وهو يريد عذابنا، فرد الله تعالى عليهم ما احتجوا من الغنى فقال لنبيه صلى الله عليه وسلم. { قُلْ إنَّ رَبِّي يُبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَآءُ } أي يوسعه. { وَيَقْدِرُ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن يقترعليه، قال الحسن يبسط لهذا مكراً به، ويقدر لهذا نظراً له. الثاني: بنظره له، رواه حصين بن أبي الجميل. الثالث: بخير له،رواه حارث بن السائب. { وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ } أن الله يوسع على من يشاء ويقتر على من يشاء. قوله عز وجل: { وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلآ أَوْلاَدُكُمْ بالتَّي تُقَرِّبُكُمْ عِندَنَا زُلْفَى } قال مجاهد: أي قربى والزلفة القربة، ويحتمل وجهين: أحدهما: أن أموالكم في الدنيا لا تدفع عنكم عذاب الآخرة. الثاني: أن إنعامنا بها عليكم في الدنيا لا يقتضي إنعامنا عليكم بالجنة في الآخرة. { إلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً } روى ليث عن طاووس أنه كان يقول اللهم ارزقني الإيمان والعمل، وجنبني المال والولد، فإني سمعت فيما أوحيْتَ { وَمَآ أَمْوَالُكُمْ وَلاَ أَوْلاَدُكُمْ بَالَّتِي تُقَرِّبْكْمُ عِندَنَا زُلْفَى إلاَّ مَنْ ءَامَنَ وَعَمِلَ صالِحاً }. { فَأُوْلئِكَ لَهُمْ جَزَآءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُواْ } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه أضعاف الحسنة بعشر أمثالها، وأضعاف الدرهم بسبعمائة، قاله ابن زيد. الثاني: أن المؤمن إذا كان غنياً تقياً آتاه الله أجره مرتين بهذه الآية، قاله محمد بن كعب. الثالث: يعني فله جزاء مثل عمله لأن الضعف هو المثل ويقتضي ذلك المضاعفة، قاله بعض المتأخرين. { وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ ءَامِنُونَ } يعني غرفات الجنة. { ءَامِنُونَ } فيه أربعة أقاويل: أحدها: آمنون من النار، قاله يحيى ابن سلام. الثاني: من انقطاع النعم، قاله النقاش. الثالث: من الموت، قاله مقاتل. الرابع: من الأحزان والأسقام. قوله عز وجل: { وَمآ أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: فهو يخلفه إن شاء إذا رأى ذلك صلاحاً كإجابة الدعاء، قاله ابن عيسى. الثاني: يخلفه بالأجر في الآخرة إذا أنفقه في طاعة، قاله السدي. الثالث: معناه فهو أخلفه لأنه نفقته من خلف الله ورزقه، قاله سفيان بن الحسين. ويحتمل رابعاً: فهو يعني عنه.