الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قُلِ ٱدْعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِّن دُونِ ٱللَّهِ لاَ يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلاَ فِي ٱلأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِّن ظَهِيرٍ } * { وَلاَ تَنفَعُ ٱلشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّىٰ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُواْ ٱلْحَقَّ وَهُوَ ٱلْعَلِيُّ ٱلْكَبِيرُ }

قوله عز وجل: { وَلاَ تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إلاَّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ } حكى الفراء فيه وجهين:

أحدهما: حتى يؤذن له في الشفاعة.

الثاني: حتى يؤذن له فيمن يشفع له، ووجدت الأول قول الكلبي والثاني قول مقاتل.

{ حَتَّى إذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمْ } فيه ستة تأويلات:

أحدها: معناه خلي عن قلوبهم الفزع، قاله ابن عباس، وقال قطرب: أخرج ما فيها من الخوف.

الثاني: كشف عن قلوبهم الغطاء يوم القيامة، قاله مجاهد.

الثالث: أنهم الشياطين فزع عن قلوبهم ففارقوا ما كانوا عليه من إضلال أوليائهم، قاله ابن زيد.

الرابع: أنهم دعوا فاستجابوا من قبورهم مأخوذ من الفزع الذي هو الدعاء والاستصراخ فسمي الداعي فزعاً والمجيب فزعاً، قال زهير:

إذا فزعوا طاروا إلى مستغيثهم   طوال الرماح لا قصار ولا عُزْلُ
الخامس: أنهم الملائكة فزعوا عند سماع الوحي من الله تعالى لانقطاعه ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، وكان لصوته صلصلة كوقع الحديد على الصفا، فخرُّوا عنده سجوداً مخافة القيامة فسألوا فقالوا: ماذا قال ربكم؟ قالوا: الحق أي الوحي، وهذا معنى قول كعب.

السادس: وهو تأويل قراءة الحسن: حتى فرغ عن قلوبهم بالغين معجمة يعني فرغ ما فيها من الشك والشرك.

{ قَالُواْ مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ } أي قال لهم الملائكة: ماذا قال ربكم في الدنيا.

{ قَالُواْ الْحَقَّ } يحتمل وجهين:

أحدهما: أن يجدوا ما وصفوه عن الله تعالى حقاً.

الثاني: أن يصدقوا بما قاله الله تعالى أنه حق.

{ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ }.