الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِيۤ أَنعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَٱتَّقِ ٱللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا ٱللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى ٱلنَّاسَ وَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ فَلَمَّا قَضَىٰ زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لاَ يَكُونَ عَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِيۤ أَزْوَاجِ أَدْعِيَآئِهِمْ إِذَا قَضَوْاْ مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ ٱللَّهِ مَفْعُولاً }

قوله تعالى: { وَإذْ تَقُولُ لِلَّذِيّ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ } قال قتادة والسدي وسفيان هو زيد بن حارثة وفيه وجهان:

أحدهما: أنعم الله عليه لمحبة رسوله وأنعم الرسول عليه بالتبني.

الثاني: أنعم الله عليه بالإسلام وأنعم عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بالعتق.

{ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ } يعني زينب بنت جحش، قاله الكلبي، أتى النبي صلى الله عليه وسلم منزل زيد زائراً فأبصرها قائمة فأعجبته فقال: " سُبْحَانَ مُقَلّبَ القُلُوبِ " فلما سمعت زينب منه ذلك جلست قال أبو بكر بن زياد: وجاء زيد إلى قوله فذكرت له ذلك فعرف أنها وقعت في نفسه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لي في طلاقها فإن فيها كِبْراً وإنها لتؤذيني بلسانها فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " اتَّقِ اللَّهَ وَأَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ " وفي قلبه صلى الله عليه وسلم غير ذلك.

{ وَتُخْفي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: أن الذي أخفاه في نفسه ميله إليها.

الثاني: إشارة لطلاقها، قاله ابن جريج.

الثالث: أخفى في نفسه إن طلقها زيد تزوجها.

الرابع: أن الذي أخفاه في نفسه أن الله أعلمه أنها ستكون من أزواجه قبل أن يتزوجها، قاله الحسن.

{ وَتَخْشى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَاهُ } فيه وجهان:

أحدهما: أن نبي الله خشي قالة الناس، قاله قتادة.

الثاني: أنه خشي أن يبديه للناس فأيّد الله سره، قاله مقاتل بن حيان.

قال الحسن: ما نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم آية أشد عليه منها.

وقال عمر بن الخطاب: لو كتم رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً من القرآن لكتم هذه الآية التي أظهرت غيبه.

{ فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا } الوطر الأرب المنتهي وفيه هنا قولان:

أحدهما: أنه الحاجة، قاله مقاتل.

الثاني: أنه الطلاق، قاله قتادة.

قال يحيى بن سلام: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد فقال له " ائْتِ زَينبَ فَأَخْبِرْهَا أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ زَوَّجْنِيهَا " فانطلق زيد فاستفتح الباب فقالت من هذا؟ فقال: زيد قالت: وما حاجة زيد إليّ وقد طلقني؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني إليك فقالت: مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم ففتحت له فدخل عليها وهي تبكي فقال زيد: لا أبْكَى الله لَكِ عيناً قد كنت نعمت المرأة إن كنت لتبرين قسمي وتطيعين أمر الله وتشبعين مسرتي فقد أبدلك الله خيراً مني فقالت: من لا أبا لك؟ قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرت ساجدة لله تعالى قال الضحاك: فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يومئذ في عسرة فأصدقها قِرْبَةً وعَبَاءَةً ورحى اليد ووسادة حَشْوُهَا ليف وكانت الوليمة تمراً وسُوَيقاً.

السابقالتالي
2