الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ يٰنِسَآءَ ٱلنَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ ٱلنِّسَآءِ إِنِ ٱتَّقَيْتُنَّ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِٱلْقَوْلِ فَيَطْمَعَ ٱلَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } * { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ ٱلْجَاهِلِيَّةِ ٱلأُولَىٰ وَأَقِمْنَ ٱلصَّلاَةَ وَآتِينَ ٱلزَّكَـاةَ وَأَطِعْنَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُـمُ ٱلرِّجْسَ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيـراً } * { وَٱذْكُـرْنَ مَا يُتْـلَىٰ فِي بُيُوتِكُـنَّ مِنْ آيَاتِ ٱللَّهِ وَٱلْحِكْـمَةِ إِنَّ ٱللَّهَ كَانَ لَطِيفاً خَبِيراً }

قوله عز وجل: { يَا نِسَآءَ النَّبِيَّ لَسْتنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النِّسَآءِ } قال قتادة: من نساء هذه الأمة.

{ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } قال مقاتل: إنكن أحق بالتقوى من سائر النساء.

{ فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } فيه ستة أوجه:

أحدها: معناه فلا ترققن بالقول.

الثاني: فلا ترخصن بالقول، قاله ابن عباس.

الثالث: فلا تُلِن القول، قاله الفراء.

الرابع: لا تتكلمن بالرفث، قاله الحسن. قال متمم.

ولستُ إذا ما أحدث الدهر نوبة   عليه بزوّار القرائب أخضعا
الخامس: هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب.

السادس: هو ما يدخل من كلام النساء في قلوب الرجال، قاله ابن زيد.

{ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } فيه قولان:

أحدهما: أنه شهوة الزنى والفجور، قاله عكرمة والسدي.

الثاني: أنه النفاق، قاله قتادة. وكان أكثر من تصيبه الحدود في زمان النبي صلى الله عليه وسلم المنافقون.

{ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: صحيحاً، قاله الكلبي.

الثاني: عفيفاً، قاله الضحاك.

الثالث: جميلاً.

قوله عز وجل: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } قرئت على وجهين:

أحدهما: بفتح القاف، قرأه نافع وعاصم، وتأويلها اقررن في بيوتكن، من القرار في مكان.

الثاني: بكسر القاف: قرأها الباقون، وتأويلها كن أهل وقار وسكينة.

{ وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } وفي خمسة أوجه:

أحدها: أنه التبختر، قاله ابن أبي نجيح.

الثاني: كانت لهن مشية تكسرٍ وتغنج، فنهاهن عن ذلك، قاله قتادة، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " المَائِلاَتُ المُمِيلاَتُ: اللاَّئِي يَسْتَمِلْنَ قُلُوبَ الرِّجَالِ إلَيهِنَّ ".

الثالث: أنه كانت المرأة تمشي بين يدي الرجل، فذلك هو التبرج، قاله مجاهد.

الرابع: هو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده ليواري قلائدها وعنقها وقرطها، ويبدو ذلك كله منها، فذلك هو التبرج، قال مقاتل بن حيان.

الخامس: أن تبدي من محاسنها ما أوجب الله تعالى عليها ستره، حكاه النقاش وأصله من برج العين وهو السعة فيها.

وفي { الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } أربعة أقاويل:

أحدها: ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الشعبي وابن أبي نجيح.

الثاني: زمان إبراهيم، قاله مقاتل والكلبي، وكانت المرأة في ذلك الزمان تلبس درعاً مفرجاً ليس عليها غيره وتمشي في الطريق، وكان زمان نمرود.

الثالث: أنه ما بين آدم ونوح عليهما السلام ثمانمائة سنة، وكان نساؤهم أقبح ما تكون النساء، ورجالهم حسان، وكانت المرأة تريد الرجل على نفسها، فهو تبرج الجاهلية الأولى: قاله الحسن.

الرابع: أنه ما بين نوح وإدريس. روى عكرمة عن ابن عباس أن الجاهلية الأولى كانت ألف سنة. وفيه قولان:

أحدهما: أنه كانت المرأة في زمانها تجمع زوجاً وخلما، والخلم الصاحب، فتجعل لزوجها النصف الأسفل ولخلمها نصفها الأعلى، ولذلك يقول بعض الخلوم:

السابقالتالي
2