قوله عز وجل: { يَا نِسَآءَ النَّبِيَّ لَسْتنَّ كَأَحَدٍ مّنَ النِّسَآءِ } قال قتادة: من نساء هذه الأمة. { إِنِ اتَّقَيْتُنَّ } قال مقاتل: إنكن أحق بالتقوى من سائر النساء. { فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ } فيه ستة أوجه: أحدها: معناه فلا ترققن بالقول. الثاني: فلا ترخصن بالقول، قاله ابن عباس. الثالث: فلا تُلِن القول، قاله الفراء. الرابع: لا تتكلمن بالرفث، قاله الحسن. قال متمم.
ولستُ إذا ما أحدث الدهر نوبة
عليه بزوّار القرائب أخضعا
الخامس: هو الكلام الذي فيه ما يهوى المريب. السادس: هو ما يدخل من كلام النساء في قلوب الرجال، قاله ابن زيد. { فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ } فيه قولان: أحدهما: أنه شهوة الزنى والفجور، قاله عكرمة والسدي. الثاني: أنه النفاق، قاله قتادة. وكان أكثر من تصيبه الحدود في زمان النبي صلى الله عليه وسلم المنافقون. { وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: صحيحاً، قاله الكلبي. الثاني: عفيفاً، قاله الضحاك. الثالث: جميلاً. قوله عز وجل: { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ } قرئت على وجهين: أحدهما: بفتح القاف، قرأه نافع وعاصم، وتأويلها اقررن في بيوتكن، من القرار في مكان. الثاني: بكسر القاف: قرأها الباقون، وتأويلها كن أهل وقار وسكينة. { وَلاَ تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } وفي خمسة أوجه: أحدها: أنه التبختر، قاله ابن أبي نجيح. الثاني: كانت لهن مشية تكسرٍ وتغنج، فنهاهن عن ذلك، قاله قتادة، ومنه ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " المَائِلاَتُ المُمِيلاَتُ: اللاَّئِي يَسْتَمِلْنَ قُلُوبَ الرِّجَالِ إلَيهِنَّ ". الثالث: أنه كانت المرأة تمشي بين يدي الرجل، فذلك هو التبرج، قاله مجاهد. الرابع: هو أن تلقي الخمار على رأسها ولا تشده ليواري قلائدها وعنقها وقرطها، ويبدو ذلك كله منها، فذلك هو التبرج، قال مقاتل بن حيان. الخامس: أن تبدي من محاسنها ما أوجب الله تعالى عليها ستره، حكاه النقاش وأصله من برج العين وهو السعة فيها. وفي { الْجَاهِلِيَّةِ الأُولَى } أربعة أقاويل: أحدها: ما بين عيسى ومحمد عليهما السلام، قاله الشعبي وابن أبي نجيح. الثاني: زمان إبراهيم، قاله مقاتل والكلبي، وكانت المرأة في ذلك الزمان تلبس درعاً مفرجاً ليس عليها غيره وتمشي في الطريق، وكان زمان نمرود. الثالث: أنه ما بين آدم ونوح عليهما السلام ثمانمائة سنة، وكان نساؤهم أقبح ما تكون النساء، ورجالهم حسان، وكانت المرأة تريد الرجل على نفسها، فهو تبرج الجاهلية الأولى: قاله الحسن. الرابع: أنه ما بين نوح وإدريس. روى عكرمة عن ابن عباس أن الجاهلية الأولى كانت ألف سنة. وفيه قولان: أحدهما: أنه كانت المرأة في زمانها تجمع زوجاً وخلما، والخلم الصاحب، فتجعل لزوجها النصف الأسفل ولخلمها نصفها الأعلى، ولذلك يقول بعض الخلوم: