الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ ٱللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُواْ ٱللَّهَ وَٱلْيَوْمَ ٱلآخِرَ وَذَكَرَ ٱللَّهَ كَثِيراً } * { وَلَمَّا رَأَى ٱلْمُؤْمِنُونَ ٱلأَحْزَابَ قَالُواْ هَـٰذَا مَا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَاناً وَتَسْلِيماً }

قوله تعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُوُلِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ } فيه وجهان:

أحدهما: أي مواساة عند القتال، قاله السدي.

الثاني: قدوة حسنة يتبع فيها، والأسوة الحسنة المشاركة في الأمر يقال هو مواسيه بماله إذا جعل له نصيباً.

وفي المراد بذلك وجهان:

أحدهما: الحث على الصبر مع النبي صلى الله عليه وسلم في حروبه.

الثاني: التسلية لهم فيما أصابهم فإن النبي صلى الله عليه وسلم شُج وكُسِرَت رباعيته وقتل عمه حمزة.

{ لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِر } فيه وجهان:

أحدهما: لمن كان يرجو ثواب الله في اليوم الآخر قاله ابن عيسى.

الثاني: لمن كان يرجوا الله بإيمانه ويصدق بالبعث الذي فيه جزاء الأعمال، قاله ابن جبير.

{ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً } يحتمل وجهين:

أحدهما: أي استكثر من العمل بطاعته تذكراً لأوامره.

الثاني: أي استكثر من ذكر الله خوفاً من عقابه ورجاء لثوابه واختلف فيمن أريد بهذا الخطاب على قولين:

أحدهما: المنافقون عطفاً عل ما تقدم من خطابهم.

الثاني: المؤمنون لقوله: { لِمَن كَانَ يَرْجُواْ اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ }.

واختلف في هذه الأسوة بالرسول هل هي على الإِيجاب أو على الاستحباب على قولين:

أحدهما: على الإيجاب حتى يقوم دليل علىالاستحباب.

الثاني: على الاستحباب حتى يقول دليل على الإيجاب.

ويحتمل أن يحمل على الإيجاب في أمور الدين، وعلى الاستحباب في أمور الدنيا.

قوله تعالى: { وَلَمَّا رَأَى المُؤْمِنُونَ الأحْزَابِ... } الآية. فيه قولان:

أحدهما: أن الله وعدهم في سورة البقرة فقالأَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم } [البقرة: 214] الآية. فلما رأواْ أحزاب المشركين يوم الخندق { قَالُواْ هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ } قاله قتادة.

الثاني: ما رواه كثير بن عبد الله بن عمرو المزني عن أبيه عن جده قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذكرت الأحزاب فقال: " أَخْبَرَنِي جِبْرِيلُ أَنَّ أُمَّتِي ظَاهِرَةُ عَلَيهَا يَعْنِي قُصُورِ الحِيرَةِ وَمَدَائِنِ كِسرَى فَأبْشِرُوا بِالنَّصْرِ " فاستبشر المسلمون وقالوا: الحمد لله موعد صادق إذ وعدنا بالنصر بعد الحصر فطلعت الأحزاب فقال المؤمنون { هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولَهُ } الآية.

{... إِيمَاناً وَتَسْلِيماً } فيه قولان:

أحدهما: إلا إيماناً وتسلمياً للقضاء، قاله الحسن.

الثاني: إلا إيماناً بما وعد الله وتسليماً لأمر الله.