الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا ٱلَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً وَسَبَّحُواْ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ } * { تَتَجَافَىٰ جُنُوبُهُمْ عَنِ ٱلْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } * { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }

قوله: { إِنَّمَا يُؤْمِنُ بئَايَاتِنَا } فيه وجهان:

أحدهما: يصدق بحجتنا، قاله ابن شجرة.

الثاني: يصدق بالقرآن وآياته، قاله ابن جبير.

{ الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُواْ بِهَا خَرُّواْ سُجَّداً } فيه وجهان:

أحدهما: الذين إذا دعوا إلى الصلوات الخمس بالأذان أو الإقامة أجابوا إليها قاله أبو معاذ، لأن المنافقين كانوا إذا أقيمت الصلاة خرجوا من أبواب المساجد.

الثاني: إذا قرئت عليهم آيات القرآن خضعوا بالسجود على الأرض طاعة لله وتصديقاً بالقرآن. وكل ما سقط على شيء فقد خر عليه قال الشاعر:

وخر على الألاءِ ولم يوسد   كأن جبينه سيف صقيل
{ وَسَبَّحُواْ بِحْمْدِ رَبِّهِمْ } فيه وجهان:

أحدهما: معناه صلوا حمداً لربهم، قاله سفيان.

الثاني: سبحوا بمعرفة الله وطاعته، قاله قتادة.

{ وَهُمْ لاَ يَستَكْبِرُونَ } فيه وجهان:

أحدهما: عن عبادته، قاله يحيى بن سلام.

الثاني: عن السجود كما استكبر أهل مكة عن السجود له، حكاه النقاش.

قوله: { تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عِنِ الْمَضَاجِعِ } أي ترتفع عن مواضع الاضطجاع قال ابن رواحة:

يبيت يجافي جنبه عن فِراشِه   إذا استثقلت بالمشركين المضاجع
وفيما تتجافى جنوبهم عن المضاجع لأجله قولان:

أحدهما: لذكر الله إما في صلاة أو في غير صلاة قاله ابن عباس والضحاك.

الثاني: للصلاة -روى ميمون بن شبيب عن معاذ بن جبل قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقال: " إِنْ شِئْتَ أَنبَأْتُكَ بَأبوابِ الْخَيرِ: الصَّوْمُ جُنَّةٌ وَالصَّدَقَةُ تُطْفِىءُ الخَطِيئَة وَقِيَامُ الرَّجُلِ فِي جَوْفِ اللَّيلِ " ثم تلا هذه الآية.

وفي الصلاة التي تتجافى جنوبهم لأجلها أربعة أقاويل:

أحدها: التنفل بين المغرب والعشاء، قاله قتادة وعكرمة.

الثاني: صلاة العشاء التي يقال لها صلاة العتمة، قاله الحسن وعطاء.

الثالث: صلاة الصبح والعشاء في جماعة، قاله أبو الدرداء وعبادة.

الرابع: قيام الليل، قاله مجاهد والأوزاعي ومالك وابن زيد.

{ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً } فيه وجهان:

أحدهما: خوفاً من حسابه وطمعاً في رحمته.

الثاني: خوفاً من عقابه وطمعاً في ثوابه.

ويحتمل ثالثاً: يدعونه في دفع ما يخافون والتماس ما يرجون ولا يعدلون عنه في خوف ولا رجاء.

{ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: يؤتون الزكاة احتساباً لها، قاله ابن عباس.

الثاني: صدقة يتطوع بها سوى الزكاة، قاله قتادة.

الثالث: النفقة في طاعة الله، قال قتادة: أنفقوا مما أعطاكم الله فإنما هذه الأموال عواري وودائع عندك يا ابن آدم أوشكت أن تفارقها.

الرابع: أنها نفقة الرجل على أهله.

قوله: { فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَآ أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ } فيه قولان:

أحدهما: أنه للذين تتجافي جنوبهم عن المضاجع، قاله ابن مسعود.

الثاني: أنه للمجهدين قاله تبيع. وفي { قُرَّةِ أَعْيُنٍ } التي أخفيت لهم أربعة أوجه:

أحدها: رواه الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم،

السابقالتالي
2