قوله تعالى: { أَلَمْ تَرَوْاْ أَنَّ اللَّهَ سخَّرَ لَكُمْ مَّا فِي السَّموَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ } وفي تسخيره ذلك وجهان: أحدهما: تسهيله. الثاني: الانتفاع به. { وَأَسْبَغَ عَلَيَكُمْ نِعَمَهُ } قرأ نافع وأبو عمرو وحفص بغير تنوين على الجمع والباقون بالتنوين يعني نعمة واحدة، وفي هذه القراءة وجهان: أحدهما: أنه عنى الإسلام فجعلها واحدة، قاله إبراهيم. الثاني: أنه قصد التكثير بلفظ الواحد كقول العرب: كثر الدينار والدرهم، والأرض سيف وفرس، وهذا أبلغ في التكثير من لفظ الجمع، قاله ابن شجرة. وفي قوله: { ظَاهِرةً وَبَاطِنَةً } خمسة أقاويل: أحدها: أن الظاهرة الإسلام، والباطنة ما ستره الله من المعاصي قاله مقاتل. الثاني: أن الظاهرة على اللسان، والباطنة في القلب، قاله مجاهد ووكيع. الثالث: أن الظاهرة ما أعطاهم من الزي والثياب، والباطنة متاع المنازل، حكاه النقاش. الخامس: الظاهرة الولد، والباطنة الجماع. ويحتمل سادساً: أن الظاهرة في نفسه، والباطنة في ذريته من بعده. ويحتمل سابعاً: أن الظاهرة ما مضى، والباطنة ما يأتي. ويحتمل ثامناً: أن الظاهرة في الدنيا، والباطنة في الآخرة. ويحتمل تاسعاً: أن الظاهرة في الأبدان، والباطنة في الأديان. { وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ في اللَّهِ بِغَيرِ عَلْمٍ وَلاَ هُدًى وَلاَ كَتَابٍ مُنِيرٍ } فيه قولان: أحدهما: نزلت في يهودي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد أخبرني عن ربك من أي شيء هو؟ فجاءت صاعقة فأخذته. الثاني: أنها نزلت في النضر بن الحارث كان يقول: إن الملائكة بنات الله، قاله أبو مالك.