قوله تعالى: { وَمِن أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إِن تَأْمَنْهُ بِقِنطَارٍ يُؤَدِّه إِلَيكَ } اختلفوا في دخول الباء على القنطار والدينار على قولين: أحدهما: أنها دخلت لإلصاق الأمانة كما دخلت في قوله تعالى:{ وَلِيَطَّوَّفُوا بِالْبَيتِ الْعَتِيقِ } [الحج:29]. والثاني: أنها بمعنى (على) وتقديره: ومن أهل الكتاب من إن تأمنه على قنطار. { إِلاَّ مَا دُمْتَ عَلَيهِ قَائِماً } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: إلا ما دمت عليه قائماً بالمطالبة والإقتضاء، وهذا قول قتادة، ومجاهد. والثاني. بالملازمة. والثالث: قائماً على رأسه، وهو قول السدي. { ذَلِكَ بِأَنَّهُم قَالُوا: لَيسَ عَلَينَا فِي الأُمِّيِينَ سَبِيلٌ } يعني في أموال العرب، وفي سبب استباحتهم له قولان: أحدهما: لأنهم مشركون من غير أهل الكتاب، وهو قول قتادة، والسدي. والثاني: لأنهم تحولوا عن دينهم الذي عاملناهم عليه، وهذا قول الحسن وابن جريج، وقد روى سعيد بن جبير قال: لما نزلت هذه الآية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كَذَّبَ اللهُ أَعْدَاءَ اللهِ، مَا مِن شَيءٍ كَانَ في الجَاهِليَّةِ إلاَّ وَهُوَ تَحتَ قَدَميَّ إلاَّ الأمَانَةَ فَإنَّها مُؤَدَّاةٌ إِلَى الَبرِّ وَالفَاجِرِ ".