الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ أَلَمْ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ ٱلْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَىٰ كِتَابِ ٱللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّىٰ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُواْ لَن تَمَسَّنَا ٱلنَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ } * { فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لاَّ رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ }

قوله عز وجل: { أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيباً مِّنَ الْكِتَابِ } يعني حظاً لأنهم علموا بعض ما فيه. { يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ } في الكتاب الذي دعوا إليه قولان:

أحدهما: أنه التوراة، دعي إليها اليهود فأبوا، قاله ابن عباس.

والثاني: القرآن، لأن ما فيه موافق لما في التوراة من أصول الدين، قاله الحسن وقتادة.

وفي قوله تعالى: { لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ } ثلاثة أقاويل:

أحدها: نبوة النبي صلى الله عليه وسلم.

والثاني: أمر إبراهيم وأن دينه الإِسلام.

والثالث: أنه حد من الحدود.

{ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِّنْهُمْ وَهُم مُّعْرِضُونَ } قال ابن عباس:

هذا الفريق المتولي هم زعماء يهود بني قينقاع: النعمان بن أوفى، وبحري بن عمرو بن صوريا تولوا عنه في حد الزنى لما أخبرهم أنه الرجم، ورجم اليهوديين الزانيين.

فإن قيل: التولِّي عن الشيء هو الإعراض عنه، قيل: معناه يتولَّى عن الداعي ويعرض عما دُعِيَ إليه.

قوله عز وجل: {... قَالُوا لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ } هذا من قول اليهود، واختلفوا فيها على ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها الأيام التي عبدوا فيها العجل وهي أربعون يوماً، قاله قتادة، والربيع.

والثاني: أنها سبعة أيام، وهذا قول الحسن.

والثالث: أنها متقطعة لانقضاء العذاب فيها، وهذا قول بعض المتأخرين.

{ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِم مَّا كَانُوا يَفْتَرُونَ } فيه قولان:

أحدهما: هو قولهم نحن أبناء الله وأحباؤه، قاله قتادة.

والثاني: هو قولهم لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات، قاله مجاهد.