قوله تعالى: { رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَن ءَامِنُوا ِبربِّكُمْ فَآمنّا } في المنادي قولان: أحدهما: أنه القرآن وهو قول محمد بن كعب القرظي قال: ليس كل الناس سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم. والثاني: انه النبي صلى الله عليه وسلم، وهو قول ابن جريج وابن زيد. { يُنَادِي لِلإِيمَانِ } أي إلى الإيمان، كقوله تعالى:{ الْحَمْدُ للهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذا } [الأعراف:43] بمعنى إلى هذا. ومنه قول الراجز:
أوحى لها القرار فاستقرت
وشدها بالراسيات الثُّبّتِ
يعني أوحى إليها كما قال تعالى:{ بِأنَّ ربكَ أوحى لها } [الزلزلة:5] أي إليها. قوله تعالى: { رَبَّنَا وَءَاتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ } فإن قيل فقد علمواْ أن الله تعالى منجز وعده فما معنى هذا الدعاء والطلب، ففي ذلك أربعة أجوبة: أحدها: أن المقصود به، مع العلم بإنجاز وعده، الخضوع له بالدعاء والطلب. والثاني: أن ذلك يدعو إلى التمسك بالعمل الصالح. والثالث: معناه أجعلنا ممن وعدته ثوابك. والرابع: يعني عّجل إلينا إنجاز وعدك وتقديم نصرك.