الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ ٱلشَّهَوَاتِ مِنَ ٱلنِّسَاءِ وَٱلْبَنِينَ وَٱلْقَنَاطِيرِ ٱلْمُقَنْطَرَةِ مِنَ ٱلذَّهَبِ وَٱلْفِضَّةِ وَٱلْخَيْلِ ٱلْمُسَوَّمَةِ وَٱلأَنْعَامِ وَٱلْحَرْثِ ذٰلِكَ مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَٱللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ ٱلْمَآبِ } * { قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِّن ذٰلِكُمْ لِلَّذِينَ ٱتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ بَصِيرٌ بِٱلْعِبَادِ }

قوله عز وجل: { زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ } معنى زين: أي حُسِّن حب الشهوات، والشهوة من خَلْق الله في الإنسان، لأنها ضرورة لا يقدر على دفعها.

وفي المُزّيِّن لحب الشهوات ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه الشيطان، لأنه لا أحد أشد ذَمًّا لها من الله تعالى الذي خَلَقَها، قاله الحسن.

الثاني: تأويل أن الله زين حب الشهوات لِمَا جعله في الطبائع من المنازعة كما قال تعالى:إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الأرْضِ زِينَةً لَّهَا } [الكهف: 7]، قاله الزجاج.

والثالث: أن الله زين من حبها ما حَسُن، وزين الشيطان من حبها ما قَبُح. { وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ } اختلفوا في مقدار القنطار على سبعة أقاويل:

أحدها: أنه ألف ومائتا أوقية، وهو قول معاذ بن جبل، وأبي هريرة ورواه زر بن حبيش عن أُبيّ بن كعب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " القِنْطَارُ أَلفٌ وَمِائَتا أُوقِيَّةٍ ".

والثاني: أنه ألف ومائتا دينار، وهو قول الضحاك، والحسن، وقد رواه الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والثالث: أنه اثنا عشر ألف درهم أو ألف دينار، وهو قول ابن عباس.

والرابع: أنه ثمانون ألفاً من الدراهم، أو مائة رطل من الذهب، وهو قول سعيد بن المسيب، وقتادة.

والخامس: أنه سبعون ألفاً، قاله ابن عمر، ومجاهد.

والسادس: أنه ملء مسك ثور ذهباً، قاله أبو نضرة.

والسابع: أنه المال الكثير، وهو قول الربيع.

وفي { المُقَنْطَرَةِ } خمسة أقاويل:

أحدها: أنها المضاعفة، وهو قول قتادة.

والثاني: أنها الكاملة المجتمعة.

والثالث: هي تسعة قناطير، قاله الفراء.

والرابع: هي المضروبة دراهم أو دنانير، وهو قول السدي.

والخامس: أنها المجعولة كذلك، كقولهم دراهم مدرهمة.

ويحتمل وجهاً سادساً: أن القناطير المذكورة مأخوذة من قنطرة الوادي، إما لأنها بتركها مُعَدَّة كالقناطر المعبورة، وإما لأنها معدة لوقت الحاجة، والقناطير مأخوذة من عقد الشيء وإحكامه كالقنطرة.

{ وَالْخَيلِ الْمُسَوَّمَةِ } فيها خمسة تأويلات:

أحدها: أنها الراعية، قاله سعيد بن جبير، والربيع، ومنه قوله تعالى: { وفيه تسيمون } أي ترعون.

والثاني: أن المسومة الحسنة، قاله مجاهد، وعكرمة، والسدي.

والثالث: أنها المعلَّمة، قاله ابن عباس، وقتادة.

والرابع: أنها المعدة للجهاد، قاله ابن زيد.

والخامس: أنها من السيما مقصورة وممدود، قاله الحسن، قال الشاعر:

غلامٌ رماه اللهُ بالحُسْن يافعاً   له سيمياء لا تَشُقُّ على البصر
{ والأنْعَامِ } هي الإِبل، والبقر، والغنم من الضأن والمعز، ولا يقال النعم لجنس منها على الإِنفراد إلا للإِبل خاصة.

{ والْحَرْثِ } هو الزرع.

ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يريد أرض الحرث لأنها أصل، ويكون الحرث بمعنى المحروث.