{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ } فيه أربع أقاويل: أحدها: هو أن يُطَاع فلا يُعْصى، ويُشْكَر فلا يكفر ويُذْكَر فلا يُنْسى، وهو قول ابن مسعود، والحسن، وقتادة. والثاني: هو اتقاء جميع المعاصي، وهو قول بعض المتصوفين. والثالث: هو أن يعترفواْ بالحق في الأمن والخوف. والرابع: هو أن يُطَاع، ولا يُتَّقى في ترك طاعته أحدٌ سواه. واختلفواْ في نسخها على قولين: أحدهما: هي محكمة، وهو قول ابن عباس، وطاووس. والثاني: هي منسوخة بقوله تعالى:{ فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُم } [التغابن:16] وهو قول قتادة، والربيع، والسدي، وابن زيد. { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْل اللَّهِ جَمِيعاً } فيه خمسة تأويلات: أحدها: الحبل: كتاب الله تعالى، وهو قول ابن مسعود، وقتادة، والسدي، روى أبو سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " كِتَابُ اللهِ هُوَ حَبْلُ اللهِ المَمْدُودُ مِنَ السَّماءِ إَلى الأرْضِ ". والثاني: أنه دين الله وهو الإسلام، وهذا قول ابن زيد. والثالث: أنه عهد الله، وهو قول عطاء. والرابع: هو الإخلاص لله والتوحيد، وهو قول أبي العالية. والخامس: هو الجماعة، وهو مروي عن ابن مسعود. وسُمَّي ذلك حبلاً لأن المُمْسِكَ به ينجو مثل المتمسك بالحبل ينجو من بئر أو غيرها. { وَلاَ تَفَرَّقُواْ } فيه قولان: أحدهما: عن دين الله الذي أمر فيه بلزوم الجماعة، وهذا قول ابن مسعود، وقتادة. والثاني: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. { وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلُوبِكُمْ } وفيمن أريد بهذه الآية قولان: أحدهما: أنهم مشركو العرب لِمَا كان بينهم من الصوائل، وهذا قول الحسن. والثاني: أنهم الأوس والخزرج لِمَا كان بينهم من الحروب في الجاهلية حتى تطاولت مائة وعشرين سنة إلى أن ألَّفَ الله بين قلوبهم بالإسلام فتركت تلك الأحقاد، وهذا قول ابن إسحاق.