الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَىٰ فَبَغَىٰ عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ ٱلْكُنُوزِ مَآ إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِٱلْعُصْبَةِ أُوْلِي ٱلْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لاَ تَفْرَحْ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْفَرِحِينَ } * { وَٱبْتَغِ فِيمَآ آتَاكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلآخِرَةَ وَلاَ تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ ٱلدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَآ أَحْسَنَ ٱللَّهُ إِلَيْكَ وَلاَ تَبْغِ ٱلْفَسَادَ فِي ٱلأَرْضِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُفْسِدِينَ }

قوله تعالى: { إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِن قَوْمِ مُوسَى } قال ابن عباس: كان ابن عمه، قاله قتادة: ابن عم موسى أخي أبيه وكان قطع البحر مع بني إسرائيل وكان يسمى: المنور، من حسن صوته بالتوراة، ولكن عدو الله نافق كما نافق السامري.

{ فَبَغَى عَلَيْهِمْ } فيه ستة أقاويل:

أحدها: بغيه عليهم أنه كفر بالله، قاله الضحاك.

الثاني: أنه زاد في طول ثيابه شبراً، قاله شهر بن حوشب.

الثالث: أنه علا عليهم بكثرة ماله وولده، قاله قتادة.

الرابع: أنه صنع بغياً، حين أمر الله موسى برجم الزاني فعمد قارون إلى امرأة بغي فأعطاها مالاً وحملها على أن ادعت عليه أنه زنى بها وقال: فأنت قد زنيت. وحضرت البغي فادّعت ذلك عليه فعظم على موسى ما قالت وأحلفها بالله الذي فلق البحر لبني إسرائيل وأنزل التوراة على موسى إلاّ صدقت فقالت: أشهد أنك بريء وأن قارون أعطاني مالاً وحملني على أن قلت وأنت الصادق وقارون الكاذب فكان هذا بغيه، قاله ابن عباس، قال السدي: وكان اسم البغي شجرتا وبذلك لها قارون ألفي درهم.

الخامس: أنه كان غلاماً لفرعون فتعدى على بني إسرائيل وظلمهم، قاله يحيى بن سلام.

السادس: أنه نسب ما آتاه الله من الكنوز إلى نفسه بعلمه وحيلته، قاله ابن بحر.

{ وَءَآتَيْنَهُ مِنَ الْكُنُوزِ } فيه قولان:

أحدهما: أنه أصاب كنزاً من كنوز يوسف عليه السلام، قاله عطاء.

الثاني: أنه كان يعمل الكيمياء، قاله الوليد.

{ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: خزائنه، قاله السدي وأبو رزين.

الثاني: أوعيته، قاله الضحاك.

الثالث: مفاتيح خزائنه وكانت من جلود يحملها أربعون بغلاً.

الرابع: أن مفاتيح الكنوز إحاطة علمه بها، حكاه ابن بحر لقول اللهوَعِندَهُ مَفَاتِيحُ الْغَيْبِ } [الأنعام: 59].

{ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: لتثقل العصبة، قاله ابن عباس وأبو صالح والسدي.

الثاني: لتميل بالعصبة، قاله الربيع بن أنس مأخوذ من النأي وهو البعد قال الشاعر:

ينأوْن عنا وما تنأى مودتهم   والقلب فيهم رهين حيثما كانوا
الثالث: لتنوء به العصبة كما قال الشاعر:

إنّا وجدنا خلفَاً بئس الخلف   عبداً إذا ما ناء بالحمل خضف
والعصبة الجماعة الذين يتعصب بعضهم لبعض واختلف في عددهم على سبعة أقاويل:

أحدها: سبعون رجلاً، قاله أبو صالح.

الثاني: أربعون رجلاً، قاله الحكم وقتادة والضحاك.

الثالث: ما بين العشرة إلى الأربعين، قاله السدي.

الرابع: ما بين العشرة إلى الخمسة عشر، قاله مجاهد.

الخامس: ستة أو سبعة. قاله ابن جبير.

السادس: ما بين الثلاثة والتسعة وهم النفر، قاله عبد الرحمن بن زيد.

السابع: عشرة لقول إخوة يوسفوَنَحْنُ عُصْبَةٌ } [يوسف: 8] قاله الكلبي ومقاتل.

وزعم أبو عبيدة أن هذا من المقلوب تأويله: إن العصبة لتنوء بالمفاتح.

السابقالتالي
2