قوله تعالى: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ وَيَخْتَارُ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن قوماً كانوا يجعلون خير أموالهم لأهليهم في الجاهلية فقال { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } من خلقه { وَيَخْتَارُ } من يشاء لطاعته، وهو معنى قول ابن عباس. الثاني: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ } من الخلق { وَيَخْتَارُ } من يشاء لنبوته، قاله يحيى بن سلام. الثالث: { وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَآءُ } النبي محمداً صلى الله عليه وسلم { َوَيَخْتَارُ } الأنصار لدينه حكاه النقاش. { مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ } وفيه وجهان: أحدهما: معناه ويختار للمؤمنين ما كان لهم فيه الخيرة فيكون ذلك إثباتاً. الثاني: معناه ما كان للخلق على الله الخيرة، فيكون ذلك نفياً. ومن قال بهذا فلهم في المقصود به وجهان: أحدهما: أنه عنى بذلك قوماً من المشركين جعلوا لله ما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً فقالوا هذا لله بزعمهم وهذا لشركائنا فنزل ذلك فيهم، قاله ابن شجرة. الثاني: أنها نزلت في الوليد بن المغيرة حين قال ما حكاه الله عنه في سورة الزخرف{ وَقَالُوا لَوْلاَ نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ } الآية [الزخرف: 31] يعني نفسه وعروة بن مسعود الثقفي فقال الله: { مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ } أن يتخيروا على الله الأنبياء.