الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ ٱلْكَاذِبِينَ } * { ٱذْهَب بِّكِتَابِي هَـٰذَا فَأَلْقِهْ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَٱنْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ } * { قَالَتْ يٰأَيُّهَا ٱلْمَلأُ إِنِّيۤ أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } * { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلرَّحِيمِ } * { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ }

قوله: { قَالَ سَنَنظُرُ أَصَدَقْتَ... } الآية، هذا قول سليمان للهدهد قال ابتلي فاختبر من ذلك فوجده صادقاً.

{ اذْهَبِ بِّكِتَابِي هَذَا إِلَيهِمْ } قال مجاهد أخذ الهدهد الكتاب بمنقاره فأتى بهوها فجعل يدور فيه فقالت ما رأيت خيراً منذ رأيت هذا الطير في بهوي فألقى الكتاب إليها.

قال قتادة: فألقاه على صدرها وهي نائمة، قال يزيد بن رومان: كانت في ملك من مضى من أهلها وقد سيست وساست حتى أحكمها ذلك.

{ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ } قال ابن عباس كن قريباً منهم.



{ فَانظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ }

فيه تقديم وتأخير تقديره فألقه إليهم فانظر ماذا يرجعون ثم تول عنهم، حكاه ابن عيسى، وقاله الفراء.

قوله: { قَالَتْ يَآ أَيُّهَأ المَلأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِليَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ } وفي صفتها الكتاب أنه كريم، أربعة أوجه:

أحدها: لأنه مختوم، قاله السدي.

الثاني: لحسن ما فيه، قاله قتادة.

الثالث: لكرم صاحبه وأنه كان ملكاً، حكاه ابن بحر.

الرابع: لتسخير الهدهد به بحمله. ويحتمل خامساً: لإلقائه عليها عالياً من نحو السماء.

قوله تعالى: { إِنَّهُ مِن سُلَيْمَانَ } الآية، أما قولها إنه من سليمان فلإعلامهم مرسل الكتابي وممن هو.

وأما قولها: { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } فلاستنكار هذا الاستفتاح الذي لم تعرفه هي ولا قومها لأن أول من افتتح { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } سليمان.

روى ابن بريدة عن أبيه قال كنت أمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: " إِنِّي لأَعْلَمُ آيَةً لَمْ تَنْزِلْ عَلَى نَبِيٍ قَبْلِي بَعْدَ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ " ،قال: قلت يا رسول الله أي آية هي؟ قال: " سَأُعَلِّمُكَهَا قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنَ المَسْجِدِ " قال: فانتهى إلى الباب فأخرج إحدى قدميه فقلت: نسي ثم التفت إليّ فقال: " إِنَّهُ مِنْ سُلَيمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ".

حكى عاصم عن الشعبي قال: كَانَتْ كُتُبُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة كتب كان يكتب: باسمك الله، فلما نزلتبِسْمِ اللَّهِ مَجْرِيهَا } [هود: 41] كتب: باسم الله، فلما نزلتقُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ } [الإِسراء: 110] كتب: باسم الله الرحمن، فلما نزلت { إِنَّهُ مِن سُلَيمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ } كتب: بسم الله الرحمن الرحيم. قال عاصم قلت للشعبي أنا رأيت كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم. { بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ } قال ذلك الكتاب الثالث.

وأما قوله: { ألا تعلواْ عليَّ وأتوني مسلمين } فهذه كتب الأنباء موجزة مقصورة على الدعاء إلى الطاعة من غير بسط ولا إٍسهاب.

وفي { أَلاَّ تَعْلُواْ عَلَيَّ } ثلاثة أقاويل:

أحدها: لا تخالفوا عليّ، قاله قتادة.

الثاني: لا تتكبروا علي، قاله السدي وابن زيد.

الثالث: لا تمتنعوا عليّ، قاله يحيى بن سلام.

{ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: مستسلمين، قاله الكلبي.

الثاني: موحدين، قاله ابن عباس.

الثالث: مخلصين، قاله زهير.

الرابع: طائعين، قاله سفيان.