الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ أُوْلَـٰئِكَ يُجْزَوْنَ ٱلْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُواْ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلاَماً } * { خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلاَ دُعَآؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَاماً }

قوله تعالى: { أُوْلَئِكَ يُجْزَوُنَ الْغُرْفَةَ } فيها وجهان:

أحدهما: أن الغرفة الجنة، قاله الضحاك.

الثاني: أنها أعلى منازل الجنة وأفضلها كما أن الغرفة أعلى منازل الدنيا، حكاه ابن شجرة.

{ بِمَا صَبَرُواْ } فيه وجهان:

أحدهما: بما صبروا عن الشهوات، قاله الضحاك.

الثاني: بما صبروا على طاعة الله.

{ وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً } فيه وجهان:

أحدهما: يعني بقاء دائماً.

الثاني: ملكاً عظيماً.

{ وَسَلاَماً } فيه وجهان:

أحدهما: أنها جماع السلامة الخير.

الثاني: هو أن يحيي بعضهم بعضاً بالسلام، قاله الكلبي.

ولأصحاب الخواطر في التحية والسلام وجهان:

أحدهما: التحية على الروح والسلام على الجسد.

الثاني: أن التحية على العقل والسلام على النفس.

قوله تعالى: { قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي } فيه وجهان:

أحدهما: ما يصنع، قاله مجاهد، وابن زيد.

الثاني: ما يبالي، قاله أبو عمرو بن العلاء.

{ لَوْلاَ دُعآؤُكُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: لولا عبادتكم وإيمانكم به، والدعاء العبادة.

الثاني: لولا دعاؤه لكم إلى الطاعة، قاله مجاهد.

ويحتمل ثالثاً: لولا دعاؤكم له إذا مسكم الضر وأصابكم السوء رغبة إليه وخضوعاً إليه.

{ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ } فيه وجهان:

أحدهما: كذبتم برسلي.

الثاني: قصرتم عن طاعتي مأخوذ من قولهم قد كذب في الحرب إذا قصّر.

{ لِزَاماً } فيه أربعة أوجه:

أحدها: أنه عذاب الدنيا وهو القتل يوم بدر، قاله ابن مسعود وأُبي.

الثاني: عذاب الآخرة في القيامة، قاله قتادة.

الثالث: أنه الموت، قاله محمد بن كعب، ومنه قول الشاعر:

يـولـي عند حاجـتهـا البشيـر   ولـم أجـزع من الـمـوت الـلزام
الرابع: هو لزوم الحجة في الآخرة على تكذيبهم في الدنيا، قاله الضحاك، وأظهر الأوجه أن يكون اللزام الجزاء للزومه، والله أعلم.