الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَعِبَادُ ٱلرَّحْمَـٰنِ ٱلَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَىٰ ٱلأَرْضِ هَوْناً وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } * { وَالَّذِينَ يِبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِيَاماً } * { وَٱلَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا ٱصْرِفْ عَنَّا عَذَابَ جَهَنَّمَ إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } * { إِنَّهَا سَآءَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً } * { وَٱلَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ وَلَمْ يَقْتُرُواْ وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَاماً }

قوله تعالى: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: علماء وكلماء، قاله ابن عباس.

الثاني: أعفاء أتقياء، قاله الضحاك.

الثالث: بالسكينة والوقار، قاله مجاهد.

الرابع: متواضعين لا يتكبرون، قاله ابن زيد.

{ وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } الجاهلون فيهم قولان:

أحدهما: أنهم الكفار.

الثاني: السفهاء.

{ قَالُواْ سَلاَماً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: قالوا سداداً، قاله مجاهد لأنه قول سليم.

الثاني: قالوا وعليك السلام، قاله الضحاك.

الثالث: أنه طلب المسالمة، قاله ابن بحر.

قوله تعالى: { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } فيه أربعة أوجه:

أحدها: لازماً، قاله ابن عيسى، ومنه الغريم لملازمته وأنشد الأعشى:

إن يعاقب يكن غَراماً وإن يعـ   ـطر جزيلاً فإنه لا يبالي
الثاني: شديداً، قاله ابن شجرة، ومنه سميت شدة المحنة غراماً قال بشر بن أبي خازم:

ويوم الجفار ويوم النسا   ر، كانا عذاباً، وكان غراما
الثالث: ثقيلاً، قاله قطرب، ومنه قوله تعالى:فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [القلم: 46].

الرابع: أنهم أغرموا بالنعيم في الدنيا عذاب النار، قال محمد بن كعب: إن الله سأل الكفار عن فأغرمهم فأدخلهم جهنم.

قوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: لم ينفقواْ في معصية الله، والإِسراف النفقة في المعاصي، قاله ابن عباس.

الثاني: لم ينفقوا كثيراً فيقول الناس قد أسرفوا، قاله إبراهيم.

الثالث: لا يأكلون طعاماً يريدون به نعيماً ولا يلبسون ثوباً يريدون به جمالاً، قاله يزيد بن أبي حبيب، قال: هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت قلوبهم على قلب رجل واحد.

الرابع: لم ينفقوا نفقة في غير حقها فإن النفقة في غير حقها إسراف، قاله ابن سيرين.

{ وَلَمْ يَقْتُرُواْ } فيه أربعة أوجه:

أحدها: لم يمنعوا حقوق الله فإن منع حقوق الله إقتار، قاله ابن عباس.

الثاني: لا يعريهم ولا يجيعهم،قاله إبراهيم.

الثالث: لم يمسكوا عن طاعة الله، قاله ابن زيد.

الرابع: لم يقصروا في الحق، قاله الأعمش.

روى معاذ بن جبل قال: لما نزلت هذه الآية سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفقة في الإسراف والإقتار ما هو، فقال: من منع من حق فقد قتر، ومن أعطى في غير حق فقد أسرف.

{ وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَامَاً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: يعني عدلاً، قاله الأعمش.

الثاني: أن القوام: أن يخرجوا في الله شطر أموالهم، قاله وهب.

الثالث: أن القوام: أن ينفق في طاعة الله ويكف عن محارم الله.

ويحتمل رابعاً: أن القوام ما لم يمسك فيه عزيز ولم يقدم فيه على خطر، والفرق بين القَوام بالفتح والقِوام بالكسر، ما قاله ثعلب: أنه بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم عليه الأمر ويستقر.