قوله تعالى: { وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْناً } فيه أربعة أقاويل: أحدها: علماء وكلماء، قاله ابن عباس. الثاني: أعفاء أتقياء، قاله الضحاك. الثالث: بالسكينة والوقار، قاله مجاهد. الرابع: متواضعين لا يتكبرون، قاله ابن زيد. { وَإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلاَماً } الجاهلون فيهم قولان: أحدهما: أنهم الكفار. الثاني: السفهاء. { قَالُواْ سَلاَماً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: قالوا سداداً، قاله مجاهد لأنه قول سليم. الثاني: قالوا وعليك السلام، قاله الضحاك. الثالث: أنه طلب المسالمة، قاله ابن بحر. قوله تعالى: { إِنَّ عَذَابَهَا كَانَ غَرَاماً } فيه أربعة أوجه: أحدها: لازماً، قاله ابن عيسى، ومنه الغريم لملازمته وأنشد الأعشى:
إن يعاقب يكن غَراماً وإن يعـ
ـطر جزيلاً فإنه لا يبالي
الثاني: شديداً، قاله ابن شجرة، ومنه سميت شدة المحنة غراماً قال بشر بن أبي خازم:
ويوم الجفار ويوم النسا
ر، كانا عذاباً، وكان غراما
الثالث: ثقيلاً، قاله قطرب، ومنه قوله تعالى:{ فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ } [القلم: 46]. الرابع: أنهم أغرموا بالنعيم في الدنيا عذاب النار، قال محمد بن كعب: إن الله سأل الكفار عن فأغرمهم فأدخلهم جهنم. قوله تعالى: { وَالَّذِينَ إِذَآ أَنفَقُواْ لَمْ يُسْرِفُواْ } فيه أربعة أوجه: أحدها: لم ينفقواْ في معصية الله، والإِسراف النفقة في المعاصي، قاله ابن عباس. الثاني: لم ينفقوا كثيراً فيقول الناس قد أسرفوا، قاله إبراهيم. الثالث: لا يأكلون طعاماً يريدون به نعيماً ولا يلبسون ثوباً يريدون به جمالاً، قاله يزيد بن أبي حبيب، قال: هؤلاء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كانت قلوبهم على قلب رجل واحد. الرابع: لم ينفقوا نفقة في غير حقها فإن النفقة في غير حقها إسراف، قاله ابن سيرين. { وَلَمْ يَقْتُرُواْ } فيه أربعة أوجه: أحدها: لم يمنعوا حقوق الله فإن منع حقوق الله إقتار، قاله ابن عباس. الثاني: لا يعريهم ولا يجيعهم،قاله إبراهيم. الثالث: لم يمسكوا عن طاعة الله، قاله ابن زيد. الرابع: لم يقصروا في الحق، قاله الأعمش. روى معاذ بن جبل قال: لما نزلت هذه الآية سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفقة في الإسراف والإقتار ما هو، فقال: من منع من حق فقد قتر، ومن أعطى في غير حق فقد أسرف. { وَكَانَ بَيْنَ ذلِكَ قَوَامَاً } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: يعني عدلاً، قاله الأعمش. الثاني: أن القوام: أن يخرجوا في الله شطر أموالهم، قاله وهب. الثالث: أن القوام: أن ينفق في طاعة الله ويكف عن محارم الله. ويحتمل رابعاً: أن القوام ما لم يمسك فيه عزيز ولم يقدم فيه على خطر، والفرق بين القَوام بالفتح والقِوام بالكسر، ما قاله ثعلب: أنه بالفتح الاستقامة والعدل، وبالكسر ما يدوم عليه الأمر ويستقر.