الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَقَالُواْ مَالِ هَـٰذَا ٱلرَّسُولِ يَأْكُلُ ٱلطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي ٱلأَسْوَاقِ لَوْلاۤ أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً } * { أَوْ يُلْقَىٰ إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا وَقَالَ ٱلظَّالِمُونَ إِن تَتَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } * { ٱنظُرْ كَيْفَ ضَرَبُواْ لَكَ ٱلأَمْثَالَ فَضَلُّواْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } * { تَبَارَكَ ٱلَّذِيۤ إِن شَآءَ جَعَلَ لَكَ خَيْراً مِّن ذٰلِكَ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ وَيَجْعَل لَّكَ قُصُوراً } * { بَلْ كَذَّبُواْ بِٱلسَّاعَةِ وَأَعْتَدْنَا لِمَن كَذَّبَ بِٱلسَّاعَةِ سَعِيراً } * { إِذَا رَأَتْهُمْ مِّن مَّكَانٍ بَعِيدٍ سَمِعُواْ لَهَا تَغَيُّظاً وَزَفِيراً } * { وَإَذَآ أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً مُّقَرَّنِينَ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } * { لاَّ تَدْعُواْ ٱلْيَوْمَ ثُبُوراً وَاحِداً وَٱدْعُواْ ثُبُوراً كَثِيراً }

قوله تعالى: { وَقَالُواْ مَا لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ } فيه وجهان:

أحدهما: أنهم قالوا ذلك إزراء عليه أنه لما كان مثلهم محتاجاً إلى الطعام ومتبذلاً في الأسواق لم يجز أن يتميز عليهم بالرسالة ووجب أن يكون مثلهم في الحكم.

الثاني: أنهم قالوا ذلك استزادة له في الحال كما زاد عليهم في الاختصاص فكان يجب ألاّ يحتاج إلى الطعام كالملائكة،ولا يتبذل في الأسواق كالملوك.

ومرادهم في كلا الوجهين فاسد من وجهين:

أحدهما: أنه ليس يوجب اختصاصه بالمنزلة نقله عن موضع الخلقة لأمرين:

أحدهما: أن كل جنس قد يتفاضل أهله في المنزلة ولا يقتضي تمييزهم في الخلقة كذلك حال من فضل في الرسالة.

الثاني: أنه لو نقل عن موضوع الخلقة بتمييزه بالرسالة لصار من غير جنسهم ولما كان رسولاً منهم، وذلك مما تنفر منه النفوس.

وأما الوجه الثاني: فهو أن الرسالة لا تقتضي منعه من المشي في الأسواق لأمرين:

أحدهما: أن هذا من أفعال الجبابرة وقد صان الله رسوله عن التجبر.

الثاني: لحاجته لدعاء أهل الأسواق إلى نبوته، ومشاهدة ما هم عليه من منكر يمنع منه ومعروف يقر عليه.

{ لَوْلآَ أُنزِلَ إِلَيهِ } الآية أي هلا أُنزل إليه { مَلَكٌ... } وفيه وجهان:

أحدهما: أن يكون الملك دليلاً على صدقه.

الثاني: أن يكون وزيراً له يرجع إلى رأيه.

{ أَوْ يُلْقَى إِلَيْهِ كَنزٌ } فلا يكون فقيراً.

{ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا } والجنة البستان فكأنهم استقلّوه لفقره. قال الحسن: والله ما زَوَاهَا عن نبيه إلا اختياراً ولا بسطها لغيره إلا اغتراراً ولوا ذاك لما أعاله.

قوله: { وَقَالَ الظَّالِمُونَ } يعني مشركي قريش وقيل إنه عبد الله بن الزبعرى.

{ إِن تَبَّبِعُونَ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُوراً } فيه وجهان:

أحدهما: سحر فزال عقله.

الثاني: أي سَحَرَكُمْ فيما يقوله.

قوله تعالى: { انظُرْ كَيفَ ضَرَبُواْ لَكَ الأَمْثَالَ } يعني ما تقدم من قولهم.

{ فَضَلُّواْ } فيه وجهان:

أحدهما: فضلواْ عن الحق في ضربها.

الثاني: فناقضوا في ذكرها لأنهم قالوا افتراه ثم قالوا تملى عليه وهما متناقضان.

{ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلاً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: مخرجاً من الأمثال التي ضربوها، قاله مجاهد.

الثاني: سبيلاً إلى الطاعة لله، قاله السدي.

الثالث: سبيلاً إلى الخير، قاله يحيى بن سلام.

قوله تعالى: { وَإِذَا أُلْقُواْ مِنْهَا مَكَاناً ضَيِّقاً } قال عبد الله بن عمرو: إن جهنم لتضيق على الكافرين كضيق الزج على الرمح.

{ مُّقَرَّنِينَ } فيه وجهان:

أحدهما: مُكَتَفِينَ، قاله أبو صالح.

الثاني: يقرن كل واحد منهم إلى شيطانه، قاله يحيى بن سلام.

{ دَعَوْاْ هُنَالِكَ ثُبُوراً } فيه ثلاثة أوجه:

أحدهما: ويلاً، قاله ابن عباس.

الثاني: هلاكاً، قاله الضحاك.

الثالث: معناه وانصرافاه عن طاعة الله، حكاه ابن عيسى وروي النبي صلى الله عليه السلام أنه قال: " أَوَّلُ مَن يَقُولُهُ إِبْلِيسُ "