الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ ٱللَّهُ نُورُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ ٱلْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ ٱلزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَّ شَرْقِيَّةٍ وَلاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيۤءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ عَلَىٰ نُورٍ يَهْدِي ٱللَّهُ لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ ٱللَّهُ ٱلأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَٱللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ }

قوله تعالى: { اللَّهُ نُورُ السَّموَاتِ وَالأَرْضِ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: معناه الله هادي السموات والأرض، قاله ابن عباس، وأنس.

الثاني: الله مدبر السموات والأرض، قاله مجاهد.

الثالث: الله ضياء السموات والأرض، قاله أُبي.

الرابع: منور السموات والأرض.

فعلى هذا فبما نورهما به ثلاثة أقاويل:

أحدها: الله نور السموات بالملائكة ونور الأرض بالأنبياء.

الثاني: أنه نور السموات بالهيبة ونور الأرض بالقدرة.

الثالث: نورهما بشمسها وقمرها ونجومها، قاله الحسن، وأبو العالية.

{ مَثَلُ نُورِهِ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: مثل نور الله، قاله ابن عباس.

الثاني: مثل نور محمد صلى الله عليه وسلم، قاله ابن شجرة.

الثالث: مثل نور المؤمن، قاله أُبي.

الرابع: مثل نور القرآن، قاله سفيان.

فمن قال: مثل نور المؤمن، يعني في قلب نفسه، ومن قال: مثل نور محمد، يعني في قلب المؤمن، ومن قال: نور القرآن، يعني في قلب محمد.

ومن قال: نور الله، فيه قولان:

أحدهما: في قلب محمد.

الثاني: في قلب المؤمن.

{ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: أن المشكاة كوة لا منفذ لها والمصباح السراج، قاله كعب الأحبار.

الثاني: المشكاة القنديل والمصباح الفتيلة، قاله مجاهد.

الثالث: المشكاة موضع الفتيلة من القنديل الذي هو كالأُنبوب، والمصباح الضوء قاله ابن عباس.

الرابع: المشكاة الحديد الذي به القنديل وهي التي تسمى السلسلة والمصباح هو القنديل، وهذا مروي عن مجاهد أيضاً.

الخامس: أن المشكاة صدر المؤمن والمصباح القرآن الذي فيه والزجاجة قلبه، قاله أُبَي، قال الكلبي: والمشكاة لفظ حبشي معرب.

{ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ } فيه قولان:

أحدهما: يعني أن نار المصباح في زجاجة القنديل لأنه فيها أضوأ، وهو قول الأكثرين.

الثاني: أن المصباح القرآن والإِيمان، والزجاجة قلب المؤمن، قاله أُبَي.

{ كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ } أما الكوكب ففيه قولان:

أحدهما: أنه الزهرة خاصة، قاله الضحاك.

الثاني: أنه أحد الكواكب المضيئة من غير تعيين، وهو قول الأكثرين.

وأما درّي ففيه أربع قراءات.

إحداها: دُريّ بضم الدال وترك الهمز وهي قراءة نافع وتأويلها أنه مضيء يشبه الدر لضيائه ونقائه.

الثانية: بالضم والهمز وهي قراءة عاصم في رواية أبي بكر وتأويلها أنه مضيء.

الثالثة: بكسر الدال وبالهمز وهي قراءة أبي عمرو والكسائي وتأويلها أنه متدافع لأنه بالتدافع يصير منقضاً فيكون أقوى لضوئه مأخوذ من درأ أي دفع يدفع.

الرابعة: بالكسر وترك الهمز وهي قراءة المفضل بن عاصم، وتأويلها أنه جار كالنجوم الدراري الجارية من درّ الوادي إذا جرى.

{ يُوقَدُ مِن شَجَرَةٍ مُّبَارَكَةٍ } فيه قولان:

أحدهما: يعني بالشجرة المباركة إبراهيم والزجاجة التي كأنها كوكب دري محمد صلى الله عليه وسلم، وهو مروي عن ابن عمر.

الثاني: أنه صفة لضياء المصباح الذي ضربه الله مثلاً يعني أن المصباح يشعل من دهن شجرة زيتونة.

السابقالتالي
2