قوله عز وجل: { ذلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَآئِرَ اللَّهِ } فيه وجهان: أحدهما: فروض الله. والثاني: معالم دينه، ومنه قول الكميت:
نقتلهم جيلاً فجيلاً نراهم
شعائر قربان بهم يتقرب
وفيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها مناسك الحج، وتعظيمها إشعارها، وهو مأثور عن جماعة. والثاني: أنها البُدن المشعرة، وتعظيمها استسمانها واستحسانها، وهو قول مجاهد. والثالث: أنها دين الله كله، وتعظيمها التزامها، وهو قول الحسن. { فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ } قال الكلبي والسدي: من إخلاص القلوب. ويحتمل عندي وجهاً آخر أنه قصد الثواب. ويحتمل وجهاً آخر أيضاً: أنه ما أرضى الله تعالى: قوله عز وجل: { لَكُمْ فِيهَا مَنَافِعُ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى } فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أن المنافع التجارة، وهذا قول من تأول الشعائر بأنها مناسك الحج، والأجل المسمى العود. والثاني: أن المنافع الأجر، والأجل المسمى القيامة، وهذا تأويل من تأولها بأنها الدين. والثالث: أن المنافع الركوب والدر والنسل، وهذا قول من تأولها بأنها الهَدْى فعلى هذا في الأجل المسمى وجهان: أحدهما: أن المنافع قبل الإِيجاب وبعده، والأجل المسمى هو النحر، وهذا قول عطاء. { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى الْبَيْتِ الْعتِيقِ } إن قيل إن الشعائر هي مناسك الحج ففي تأويل قوله: { ثُمَّ مَحِلُّهَآ إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ } وجهان: أحدهما: مكة، وهو قول عطاء. والثاني: الحرم كله محل لها، وهو قول الشافعي. وإن قيل إن الشعائر هي الدين كله فيحتمل تأويل قوله: { ثم محلها إلى البيت العتيق } أن محل ما اختص منها بالأجر له، هو البيت العتيق.