الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ ذٰلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ ٱللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ ٱلأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَٱجْتَنِبُواْ ٱلرِّجْسَ مِنَ ٱلأَوْثَانِ وَٱجْتَنِبُواْ قَوْلَ ٱلزُّورِ } * { حُنَفَآءَ للَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِٱللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ ٱلسَّمَآءِ فَتَخْطَفُهُ ٱلطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ ٱلرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ }

قوله عز وجل: { ذلِكَ وَمَن يَعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ عِندَ رَبِّهِ } فيه قولان: أحدهما: أنه فعل ما أمر به من مناسكه، قاله الكلبي.

والثاني: أنه اجتناب ما نهى عنه في إحرامه. ويحتمل عندي قولاً ثالثاً: أن يكون تعظيم حرماته أن يفعل الطاعة ويأمر بها، وينتهي عن المعصية وينهى عنها.

{ وَأُحِلَّتْ لَكُمُ الأَنْعَامُ إِلاَّ مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ } فيه قولان:

أحدهما: إلا ما يتلى عليكم من المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذُبحَ على النصب.

والثاني: إلا ما يتلى عليكم غير محلي الصيد وأنتم حرم.

{ فَاجْتَنِبُواْ الرِّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ } فيه وجهان:

أحدهما: أي اجتنبواْ من الأوثان الرجس، ورجس الأوثان عبادتها، فصار معناه: فاجتنبوا عبادة الأوثان.

الثاني: معناه: فاجتنبواْ الأوثان فإنها من الرجس.

{ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ } فيه أربعة أقاويل:

أحدها: الشرك، وهوقول يحيى بن سلام.

والثاني: الكذب، وهو قول مجاهد.

والثالث: شهادة الزور. روى أيمن بن محمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيباً فقال: " أَيُّهَا النَّاسُ عَدَلَتْ شَهَادَةُ الزُّورِ الشِّرْكَ بِاللَّهِ مَرَّتِينَ " ثم قرأ: { فَاجْتَنِبُواْ الرّجْسَ مِنَ الأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُواْ قَوْلَ الزُّورِ }.

والرابع: أنها عبادة المشركين، حكاه النقاش.

ويحتمل عندي قولاً خامساً: أنه النفاق لأنه إسلام في الظاهر زور في الباطن.

قوله عز وجل: { حُنَفَآءَ لِلَّهِ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: يعني مسلمين لله، وهو قول الضحاك، قال ذو الرمة:

إذا حول الظل العشي رأيته   حنيفاً وفي قرن الضحى يتنصر
والثاني: مخلصين لله، وهو قول يحيى بن سلام.

والثالث: مستقيمين لله، وهو قول عليّ بن عيسى.

والرابع: حجاجاً إلى الله، وهو قول قطرب.

{ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ } فيه وجهان:

أحدهما: غير مرائين بعبادته أحداً من خلقه.

والثاني: غير مشركين في تلبية الحج به أحداً لأنهم كانواْ يقولون في تلبيتهم: لبيك لا شريك لك إلا شريكاً هو لك تملكه وما ملك، قاله الكلبي.