الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ لِّيَشْهَدُواْ مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُواْ ٱسْمَ ٱللَّهِ فِيۤ أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَىٰ مَا رَزَقَهُمْ مِّن بَهِيمَةِ ٱلأَنْعَامِ فَكُلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ ٱلْبَآئِسَ ٱلْفَقِيرَ } * { ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِٱلْبَيْتِ ٱلْعَتِيقِ }

قوله عز وجل: { لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: أنه شهود المواقف وقضاء المناسك.

والثاني: أنها المغفرة لذنوبهم، قاله الضحاك.

والثالث: أنها التجارة في الدنيا والأجر في الآخرة، وهذا قول مجاهد.

{ وَيَذْكُرُواْ اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامِ مَّعْلُومَاتٍ } فيها ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها عشر ذي الحجة آخرها يوم النحر، وهذا قول ابن عباس، والحسن، وهو مذهب الشافعي.

والثاني: أنها أيام التشريق الثلاثة، وهذا قول عطية العوفي.

والثالث: أنها يوم التروية ويوم عرفة ويوم النحر، وهذا قول الضحاك.

{ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ } يعني على نحر ما رزقهم نحره من بهيمة الأنعام، وهي الأزواج الثمانية من الضحايا والهدايا.

{ فَكَلُواْ مِنْهَا وَأَطْعِمُواْ الْبَائِسَ الْفَقِيرَ } في الأكل والإِطعام ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الأكل والإِطعام واجبان لا يجوز أن يخل بأحدهما، وهذا قول أبي الطيب بن سلمة.

والثاني: أن الأكل والإطعام مستحبان، وله الاقتصار على أيهما شاء وهذا قول أبي العباس بن سريج.

والثالث: أن الأكل مستحب والإطعام واجب، وهذا قول الشافعي، فإن أطعم جميعها أجزأه، وإن أكل جميعها لم يُجْزه، وهذا فيما كان تطوعاً، وأما واجبات الدماء فلا يجوز أن نأكل منها.

وفي { الْبآئِسَ الْفَقِيرَ } خمسة أوجه:

أحدها: أن الفقير الذي به زمَانةٌ، وهو قول مجاهد.

والثاني: الفقير الذي به ضر الجوع.

والثالث: أن الفقير الذي ظهر عليه أثر البؤس.

والرابع: أنه الذي يمد يده بالسؤال ويتكفف بالطلب.

والخامس: أنه الذي يؤنف عن مجالسته.

قوله عز وجل: { ثُمَّ لْيَقْضَواْ تَفَثَهُمْ } فيه أربعة تأويلات:

أحدها: مناسك الحج، وهو قول ابن عباس، وابن عمر.

والثاني: حلق الرأس، وهو قول قتادة، قال أمية بن أبي الصلت.

حفوا رؤوسهم لم يحلقوا تفثاً   ..............
والثالث: رمي الجمار، وهو قول مجاهد.

والرابع: إزالة قشف الإِحرام من تقليم ظفر وأخذ شعر وغسل واستعمال الطيب، وهو قول الحسن.

وقيل لبعض الصلحاء: ما المعنى في شعث المحرم؟ قال: ليشهد الله تعالى منك الإِعراض عن العناية بنفسك فيعلم صدقك في بذلها لطاعته.

وسئل الحسن عن التجرد في الحج فقال: جرّد قلبك من السهو، ونفسك من اللهو ولسانك من اللغو، ثم يجوز كيف شئت.

وقال الشاعر:

قضوا تفثاً ونحباً ثم سارواْ   إلى نجدٍ وما انتظروا علياً
{ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ } وهو تأدية ما نذروه في حجهم من نحر أو غيره.

{ وَلْيَطَّوَّفُواْ بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } يعني طواف الإِفاضة، وهو الواجب في الحج والعمرة، ولا يجوز في الحج إلا بعد عرفة، وإن جاز السعي.

وفي تسمية البيت عتيقاً أربعة أوجه:

أحدها: أن الله أعتقه من الجبابرة، وهو قول ابن عباس.

الثاني: لأنه عتيق لم يملكه أحد من الناس، وهو قول مجاهد.

والثالث: لأنه أعتق من الغرق في الطوفان، وهذا قول ابن زيد.