الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ ٱلَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً ٱلْعَاكِفُ فِيهِ وَٱلْبَادِ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ }

قوله عز وجل: {... وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ } فيه قولان:

أحدهما: أنه أراد المسجد نفسه، ومعنى قوله: { الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ } أي قبلة لصلاتهم ومنسكاً لحجهم.

{ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ } وهو المقيم، { وَالْبَادِ } وهو الطارىء إليه، وهذا قول ابن عباس.

والقول الثاني: أن المراد بالمسجد الحرام جميع الحرم، وعلى هذا في قوله:

{ الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَآءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ } وجهان:

أحدهما: أنهم سواء في دوره ومنازله، وليس العاكف المقيم أولى بها من البادي المسافر، وهذا قول مجاهد ومَنْ منع بيع دور مكة كأبي حنيفة.

والثاني: أنهما سواء في أن من دخله كان آمناً، وأنه لا يقتل بها صيداً ولا يعضد بها شجراً.

{ وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ نُّذِقْهُ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ } والإِلحاد: الميل عن الحق والباء في قوله: { بِإِلْحَادٍ } زائدة كزيادتها في قوله تعالى:تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ } [المؤمنون: 20] ومثلها في قول الشاعر:

نحن بنو جعدة أصحاب الفلج   نضرب بالسيف ونرجو بالفَرَجِ
أي نرجو الفرج، فيكون تقدير الكلام: ومن يرد فيه إلحاداً بظلم.

وفي الإِلحاد بالظلم أربعة تأويلات:

أحدها: أنه الشرك بالله بأن يعبد فيه غير الله، وهذا قول مجاهد، وقتادة.

والثاني: أنه استحلال الحرام فيه، وهذا قول ابن مسعود.

والثالث: استحلال الحرام متعمداً، وهذا قول ابن عباس.

والرابع: أنه احتكار الطعام بمكة، وهذا قول حسان بن ثابت.

قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في أبي سفيان بن حرب وأصحابه حين صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عمرته عام الحديبية.