الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَعْبُدُ ٱللَّهَ عَلَىٰ حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ ٱطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ ٱنْقَلَبَ عَلَىٰ وَجْهِهِ خَسِرَ ٱلدُّنْيَا وَٱلأَخِرَةَ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْخُسْرَانُ ٱلْمُبِينُ } * { يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُ وَمَا لاَ يَنفَعُهُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ } * { يَدْعُو لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِن نَّفْعِهِ لَبِئْسَ ٱلْمَوْلَىٰ وَلَبِئْسَ ٱلْعَشِيرُ }

قوله عز وجل: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ } فيه ثلاثة تأويلات:

أحدها: يعني على وشك وهو قول مجاهد، لكونه منحرفاً بين الإِيمان والكفر.

والثاني: على شرط، وهو قول ابن كامل.

والثالث: على ضعف في العبادة كالقيام على حرف، وهو قول علي بن عيسى.

ويحتمل عندي تأويلاً رابعاً: أن حرف الشي بعضه، فكأنه يعبد الله بلسانه ويعصيه بقلبه.

{ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } وهذا قول الحسن.

الثاني: أن ذلك نزل في بعض قبائل العرب وفيمن حول المدينة من أهل القرى، كانوا يقولون: نأتي محمداً فإن صادفنا خيراً اتبعناه، وإلا لحقنا بأهلنا، وهذا قول ابن جريج، فأنزل الله تعالى: { فإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ اطْمَأنَّ بِهِ }.

ويحتمل وجهين آخرين:

أحدهما: اطمأن بالخير إلى إيمانه.

الثاني: اطمأنت نفسه إلى مقامه.

{ وَإِن أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } أي محنة في نفسه أو ولده أو ماله.

{ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } يحتمل عندي وجهين:

أحدهما: رجع عن دينه مرتداً.

الثاني: رجع إلى قومه فزعاً.

{ خَسِرَ الدُّنْيَا والآخرة } خسر الدنيا بفراقه، وخسر الآخرة بنفاقه.

{ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانِ الْمُبِينُ } أي البيِّن لفساد عاجله وذَهَاب آجله.

قوله عز وجل: { لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئسْ الْعَشِيرُ } يعني الصنم، وفيه وجهان:

أحدهما: أن المولى الناصر، والعشير الصاحب، وهذا قول ابن زيد.

والثاني: المولى المعبود، والعشير الخليط، ومنه قيل للزوج عشير لخلطته مأخوذ من المعاشرة.