قوله عز وجل: { وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ } فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: يعني على وشك وهو قول مجاهد، لكونه منحرفاً بين الإِيمان والكفر. والثاني: على شرط، وهو قول ابن كامل. والثالث: على ضعف في العبادة كالقيام على حرف، وهو قول علي بن عيسى. ويحتمل عندي تأويلاً رابعاً: أن حرف الشي بعضه، فكأنه يعبد الله بلسانه ويعصيه بقلبه. { فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } وهذا قول الحسن. الثاني: أن ذلك نزل في بعض قبائل العرب وفيمن حول المدينة من أهل القرى، كانوا يقولون: نأتي محمداً فإن صادفنا خيراً اتبعناه، وإلا لحقنا بأهلنا، وهذا قول ابن جريج، فأنزل الله تعالى: { فإِنْ أَصَابَهُ خَيرٌ اطْمَأنَّ بِهِ }. ويحتمل وجهين آخرين: أحدهما: اطمأن بالخير إلى إيمانه. الثاني: اطمأنت نفسه إلى مقامه. { وَإِن أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ } أي محنة في نفسه أو ولده أو ماله. { انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ } يحتمل عندي وجهين: أحدهما: رجع عن دينه مرتداً. الثاني: رجع إلى قومه فزعاً. { خَسِرَ الدُّنْيَا والآخرة } خسر الدنيا بفراقه، وخسر الآخرة بنفاقه. { ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانِ الْمُبِينُ } أي البيِّن لفساد عاجله وذَهَاب آجله. قوله عز وجل: { لَبِئْسَ الْمَوْلَى وَلَبِئسْ الْعَشِيرُ } يعني الصنم، وفيه وجهان: أحدهما: أن المولى الناصر، والعشير الصاحب، وهذا قول ابن زيد. والثاني: المولى المعبود، والعشير الخليط، ومنه قيل للزوج عشير لخلطته مأخوذ من المعاشرة.