الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنتُمْ لَهَا وَارِدُونَ } * { لَوْ كَانَ هَـٰؤُلاۤءِ آلِهَةً مَّا وَرَدُوهَا وَكُلٌّ فِيهَا خَالِدُونَ } * { لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَهُمْ فِيهَا لاَ يَسْمَعُونَ } * { إِنَّ ٱلَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا ٱلْحُسْنَىٰ أُوْلَـٰئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } * { لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا ٱشْتَهَتْ أَنفُسُهُمْ خَالِدُونَ } * { لاَ يَحْزُنُهُمُ ٱلْفَزَعُ ٱلأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ ٱلْمَلاَئِكَةُ هَـٰذَا يَوْمُكُمُ ٱلَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ }

قوله تعالى: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: وقود جهنم، وهو قول بن عباس.

الثاني: معناه حطب جهنم، وقرأ علي بن أبي طالب وعائشة: حطب جهنم.

الثالث: أنهم يُرمَون فيها كما يُرْمَى بالحصباء، حتى كأن جهنم تحصب بهم، وهذا قول الضحاك، ومنه قول الفرزدق:

مستقبلين شمال الشام يضربنا   بحاصب كنديف القطن منثور
يعني الثلج، وقرأ ابن عباس: حضب جهنم، بالضاد معجمة. قال الكسائي: حضبت النار بالضاد المعجمة إذا أججتها فألقيت فيها ما يشعلها من الحطب.

قوله عز وجل: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى } فيها ثلاثة تأويلات:

أحدها: أنها الطاعة لله تعالى: حكاه ابن عيسى.

والثاني: السعادة من الله، وهذا قول ابن زيد.

والثالث: الجنة، وهو قول السدي.

ويحتمل تأويلاً رابعاً: أنها التوبة.

{ أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } يعني عن جهنم. وفيهم ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنهم عيسى والعزير والملائكة الذين عُبِدوا من دون الله وهم كارهون وهذا قول مجاهد.

الثاني: أنهم عثمان وطلحة والزبير، رواه النعمان بن بشيرعن علي بن أبي طالب.

الثالث: أنها عامة في كل من سبقت له من الله الحسنى.

وسبب نزول هذه الآية ما حكي أنه لما نزل قوله تعالى: { إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِن دَونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } قال المشركون: فالمسيح والعزير والملائكة قد عُبِدُوا، فأنزل الله تعالى: { إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مَّنَّا الْحُسْنَى أُولئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ } يعني عن جهنم، ويكون قوله: { مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ } محمولاً على من عذبه ربه.

قوله عز وجل: { لاَ يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أن الفزع الأكبر النفخة الأخيرة، وهذا قول الحسن.

والثاني: أنه ذبْحُ الموتِ، حكاه ابن عباس.

والثالث: حين تطبق جهنم على أهلها، وهذا قول ابن جريج.

ويحتمل تأويلاً رابعاً: أنه العرض في المحشر.