الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَحَرَامٌ عَلَىٰ قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَآ أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } * { حَتَّىٰ إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } * { وَٱقْتَرَبَ ٱلْوَعْدُ ٱلْحَقُّ فَإِذَا هِيَ شَاخِصَةٌ أَبْصَارُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يٰوَيْلَنَا قَدْ كُنَّا فِي غَفْلَةٍ مِّنْ هَـٰذَا بَلْ كُنَّا ظَالِمِينَ }

قوله عز وجل: { وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لاَ يَرْجِعُونَ } فيه تأويلان:

أحدهما: معناه حرام على قرية وجدناها هالكة بالذنوب أنهم لا يرجعون إلى التوبة، وهو قول عكرمة.

الثاني: وحرام على قرية أهلكناها بالعذاب أنهم لا يرجعون إلى الدنيا، وهذا قول الحسن، وقرأ أبن عباس: وحَرُم على قرية، وتأويلها ما قاله سفيان: وجب على قرية أهلكناها. [أنهم لا يرجعون قال: لا يتوبون].

قوله عز وجل: { حَتَّى إِذَا فُتِحتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ } أي فتح السد، وهو من أشراط الساعة، وروى أبو هريرة عن زينب بنت جحش قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم نائماً في بيته، فاستيقظ محمرة عيناه، فقال: " لاَ إِله إِلاَّ اللَّهَ ثَلاَثاً، وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِن شَرٍ قَدِ اقْتَرَبَ، فُتِحَ اليَومَ مِن رَدْمِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجُ مِثْلَ هذَا " وأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى عِقْدِ التِّسْعِينَ.

ويأجوج ومأجوج قيل إنهما أخوان، وهما ولدا يافث بن نوح، وفي اشتقاق اسميهما قولان:

أحدهما: أنه مشتق من أَجّت النار.

والثاني: من الماء الأُجاج. وقيل إنهم يزيدون على الإِنس الضعف.

{ وَهُم مِّن كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ } وفي حدب الأرض ثلاثة أوجه:

أحدها: أنه فجاجها وأطرافها، قاله ابن عباس.

والثاني: حولها.

الثالث: تلاعها وآكامها، مأخوذ من حدبة الظهر، قال عنترة:

فما رعشت يداي ولا ازْدَهاني   تواترهم إليَّ من الحِداب
وفي قوله: { يَنسِلُونَ } وجهان:

أحدها: معناه يخرجون، ومنه قول امرىء القيس:

فسلي ثيابي من ثيابك تنسلِ   
والثاني: معناه يسرعون، ومنه قول الشاعر:

عسلان الذئب أمسى قارباً   برد الليل عليه فنسل
وفي الذي هم من كل حدب ينسلون قولان:

أحدهما: هم يأجوج ومأجوج،وهذا قول ابن مسعود.

الثاني: أنهم الناس يحشرون إلى الموقف.