الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ فَرَجَعُوۤاْ إِلَىٰ أَنفُسِهِمْ فَقَالُوۤاْ إِنَّكُمْ أَنتُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَىٰ رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَـٰؤُلاۤءِ يَنطِقُونَ } * { قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لاَ يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلاَ يَضُرُّكُمْ } * { أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ }

قوله تعالى: { فَرَجَعُواْ إِلَى أَنفُسِهِمْ } فيه وجهان:

أحدهما: أن رجع بعضهم إلى بعض.

الثاني: أن رجع كل واحد منهم إلى نفسه متفكراً فيما قاله إبراهيم، فحاروا عما أراده من الجواب فأنطقهم الله تعالى الحق { فَقَالُواْ: إِنَّكم أَنتُمُ الظَّالِمُونَ } يعني في سؤاله، لأنها لو كانت آلهة لم يصل إبراهيم إلى كسرها، ولو صحبهم التوفيق لآمنوا هذا الجواب لظهور الحق فيه على ألسنتهم.

{ ثُمَّ نُكِسُواْ عَلَى رُءوسِهِمْ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: معناه أنها رجعوا إلى شِركهم بعد اعترافهم بالحق.

الثاني: يعني أنهم رجعواْ إلى احتجاجهم على إبراهيم بقولهم: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤلآءِ يَنطِقُونَ }.

الثالث: أنهم نكسواْ على رؤوسهم واحتمل ذلك منهم واحداً من أمرين: إما انكساراً بانقطاع حجتهم، وإما فكراً في جوابهم فأنطقهم الله بعد ذلك بالحجة إذعاناً لها وإقراراً بها، بقولهم: { لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هؤُلآءِ يَنطِقُونَ } فأجابهم إبراهيم بعد اعترافهم بالحجة.