قوله عز وجل: { اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ } أي اقترب منهم، وفيه قولان: أحدهما: قرب وقت عذابهم، يعني أهل مكة، لأنهم استبطؤواْ ما وُعِدواْ به من العذاب تكذيباً، فكان قتلهم يوم بدر، قاله الضحاك. الثاني: قرب وقت حسابهم وهو قيام الساعة. وفي قربه وجهان: أحدهما: لا بُد آت، وكل آت قريب. الثاني: لأن الزمان لكثرة ما مضى وقلة ما بقي قريب. { وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُّعْرِضُونَ } يحتمل وجهين: أحدهما: في غفلة بالدنيا معرضون عن الآخرة. الثاني: في غفلة بالضلال، معرضون عن الهدى. قوله تعالى: { مَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّن رَّبِّهِم مُّحْدَثٍ } التنزيل مبتدأ التلاوة لنزوله سورة بعد سورة. وآية بعد آية، كما كان ينزله الله عليه في وقت بعد وقت. { إِلاَّ اسْتَمَعُوهُ } أي استمعوا تنزيله فتركوا قبوله. { وَهُمْ يَلْعَبُونَ } فيه وجهان: أحدهما: أي يلهون. الثاني: يشتغلون. فإن حمل تأويله على اللهو احتمل ما يلهون به وجهين: أحدهما: بلذاتهم. الثاني: بسماع ما يتلى عليهم. وإن حمل تأويله على الشغل احتمل ما يشتغلون به وجهين: أحدهما: بالدنيا،لأنها لعب كما قال تعالى:{ إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ } [الحديد: 20]. الثاني: يتشاغلون بالقَدْحِ فيه والاعتراض عليه. قال الحسن: كلما جدد لهم الذكر استمروا على الجهل. قوله عز وجل: { لاَهِيَةً قُلُوبُهُمْ } فيه وجهان: أحدهما: يعني غافله باللهو عن الذكر، قاله قتادة. الثاني: مشغلة بالباطل عن الحق، قاله ابن شجرة، ومنه قول امرىء القيس:
فمثلك حبلى قد طرقت ومرضع
فألهيتها عن ذي تمائم محوِلِ
أي شغلتها عن ولدها. ولبعض أصحاب الخواطر وجه ثالث: أنها غافلة عما يراد بها ومنها. { وَأَسَرُّواْ النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ } فيه وجهان: أحدهما: ذكره ابن كامل أنهم أخفوا كلامهم الذي يتناجون به، قاله الكلبي. الثاني: يعني أنهم أظهروه وأعلنوه، وأسروا من الأضداد المستعملة وإن كان الأظهر في حقيقتها أن تستعمل في الإِخفاء دون الإِظهار إلا بدليل. { هَلْ هَذَآ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ } إنكاراً منهم لتميزه عنهم بالنبوة. { أَفَتأتُونَ السِّحْرَ وَأَنتُمْ تُبْصِرُونَ } ويحتمل وجهين: أحدهما: أفتقبلون السحر وأنتم تعلمون أنه سحر. الثاني: أفتعدلون إلى الباطل وأنتم تعرفون الحق. قوله تعالى: { بَلْ قَالُوا أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أهاويل أحلام رآها في المنام، قاله مجاهد. الثاني: تخاليط أحلام رآها في المنام، قاله قتادة، ومنه قول الشاعر:
كضعث حلمٍ غُرَّ منه حالمه.
الثالث: أنه ما لم يكن له تأويل، قاله اليزيدي. وفي الأحلام تأويلان: أحدهما: ما لم يكن له تأويل ولا تفسير، قاله الأخفش. الثاني: إنها الرؤيا الكاذبة، قاله ابن قتيبة، ومنه قول الشاعر: