قوله عز وجل: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الزبور الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه، والذكر أُمّ الكتاب الذي عنده في السماء، وهذا قول مجاهد. والثاني: أن الزبور من الكتب التي أنزلها الله تعالى على مَنْ بعد موسى من أنبيائه، وهذا قول الشعبي. { أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } فيها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنها أرض الجنة يرثها أهل الطاعة، وهذا قول سعيد بن جبير، وابن زيد. والثاني: أنها الأرض المقدسة يرثها بنو إسرائيل، وهذا قول الكلبي. والثالث: أنها أرض الدنيا، والذي يرثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن عباس. قوله عز وجل: { إِنَّ فِي هذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } أما قوله { إِنَّ فِي هذَا } ففيه قولان: أحدهما: يعني في القرآن. والثاني: في هذه السورة. وفي قوله: { لَبَلاَغاً لَّقُوْمٍ عَابِدِينَ } وجهان: أحدهما: أنه بلاغ إليهم يَكُفُّهُم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة. الثاني: أنه بلاغ لهم يبلغهم إلى رضوان الله وجزيل ثوابه. وفي قوله: { عَابِدِينَ } وجهان: أحدهما: مطيعين. والثاني: عالمين. قوله عز وجل: { وَمَا أرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } فيما أريد بهذه الرحمة وجهان: أحدهما: الهداية إلى طاعة الله واستحقاق ثوابه. الثاني: أنه ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال. وفي قوله: { لِلْعَالَمِينَ } وجهان: أحدهما: من آمن منهم، فيكون على الخصوص في المؤمنين إذا قيل إن الرحمة الهداية. الثاني: الجميع، فيكون على العموم في المؤمنين والكافرين إذا قيل إن الرحمة ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.