الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي ٱلزَّبُورِ مِن بَعْدِ ٱلذِّكْرِ أَنَّ ٱلأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ ٱلصَّالِحُونَ } * { إِنَّ فِي هَـٰذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } * { وَمَآ أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ }

قوله عز وجل: { وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ } فيه ثلاثة أوجه:

أحدها: أن الزبور الكتب التي أنزلها الله تعالى على أنبيائه، والذكر أُمّ الكتاب الذي عنده في السماء، وهذا قول مجاهد.

والثاني: أن الزبور من الكتب التي أنزلها الله تعالى على مَنْ بعد موسى من أنبيائه، وهذا قول الشعبي.

{ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ } فيها ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنها أرض الجنة يرثها أهل الطاعة، وهذا قول سعيد بن جبير، وابن زيد.

والثاني: أنها الأرض المقدسة يرثها بنو إسرائيل، وهذا قول الكلبي.

والثالث: أنها أرض الدنيا، والذي يرثها أمة محمد صلى الله عليه وسلم، وهذا قول ابن عباس.

قوله عز وجل: { إِنَّ فِي هذَا لَبَلاَغاً لِّقَوْمٍ عَابِدِينَ } أما قوله { إِنَّ فِي هذَا } ففيه قولان:

أحدهما: يعني في القرآن.

والثاني: في هذه السورة.

وفي قوله: { لَبَلاَغاً لَّقُوْمٍ عَابِدِينَ } وجهان:

أحدهما: أنه بلاغ إليهم يَكُفُّهُم عن المعصية ويبعثهم على الطاعة.

الثاني: أنه بلاغ لهم يبلغهم إلى رضوان الله وجزيل ثوابه.

وفي قوله: { عَابِدِينَ } وجهان:

أحدهما: مطيعين.

والثاني: عالمين.

قوله عز وجل: { وَمَا أرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ } فيما أريد بهذه الرحمة وجهان:

أحدهما: الهداية إلى طاعة الله واستحقاق ثوابه.

الثاني: أنه ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.

وفي قوله: { لِلْعَالَمِينَ } وجهان:

أحدهما: من آمن منهم، فيكون على الخصوص في المؤمنين إذا قيل إن الرحمة الهداية.

الثاني: الجميع، فيكون على العموم في المؤمنين والكافرين إذا قيل إن الرحمة ما رفع عنهم من عذاب الاستئصال.