قوله عز وجل: { قَالَ فَمَا خَطْبُكَ يَا سَامِرِيُّ } الخطب ما يحدث من الأمور الجليلة التي يخاطب عليها، قال الشاعر:
آذنت جارتي بوشك رحيل
بكرا جاهرت بخطب جليل
وفي السامري قولان: أحدهما أنه كان رجلاً من أهل كرمان، تبع موسى من بني إسرائيل، قاله الطبري، وكان اسمه موسى بن ظفر. أحدهما: أنه كان رجلاً من أهل كرمان، تبع موسى من بني إسرئيل، قاله الطبري، وكان اسمه موسى بن ظفر. وفي تسميته بالسامري قولان: أحدهما: أنه كان من قبيلة يقال لها سامرة، قاله قتادة. الثاني: لأنه كان من قرية تسمى سامرة. { قَالَ بَصُرْتُ بِمَا لَمْ يَبْصُرُواْ بِهِ } فيه وجهان: أحدهما: نظرت ما لم ينظروه، قاله أبو عبيدة. الثاني: بما لم يفطنواْ له، قاله مقاتل. وفي بصرت وأبصرت وجهان: أحدهما: أنَّ معناهما واحد. الثاني: أن معناها مختلف، بأبصرت بمعنى نظرت، وبَصُرت بمعنى فطنت. { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً } قرأه الجماعة بالضاد المعجمة، وقرأ الحسن بصاد غير معجمة، والفرق بينهما أن القبضة بالضاد المعجمة، بجميع الكف، وبصاد غير معجمة: بأطراف الأصابع { مِّنْ أَثَرِ الرَّسُولِ } فيه قولان: أحدهما: أن الرسول جبريل. وفي معرفته قولان: أحدهما: لأنه رآه يوم فلق البحر فعرفه. الثاني: أن حين ولدته أمه [جعلته في غار] - حذراً عليه من فرعون حين كان يقتل بني إسرائيل وكان جبريل يغذوه صغيراً لأجل البلوى، فعرفه حين كبر، فأخذ قبضة تراب من حافر فرسه وشدها في ثوبه { فَنَبَذْتُهَا } يعني فألقيتها، وفيه وجهان: أحدهما: أنه ألقاها فيما سبكه من الحلي بصياغة العجل حتى خار بعد صياغته. الثاني: أنه ألقاها في جوف العجل بعد صياغته حتى ظهر خواره، فهذا تفسيره على قول من جعل الرسول جبريل. والقول الثاني: أن الرسول موسى، وأن أثره شريعته التي شرعها وسنته التي سنها، وأن قوله: { فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَأ } أي طرحت شريعة موسى ونبذت سنته، ثم اتخذت العجل جسداً له خوار. { وَكَذلِكَ سَوَّلَتْ لِي نَفْسِي } فيه وجهان: أحدهما: حدثتني نفسي. قاله ابن زيد. الثاني: زينت لي نفسي، قاله الأخفش. قوله عز وجل: { قَالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَن تَقُولَ لاَ مِسَاسَ } فيه قولان: أحدهما: أن قوله: { فَاذْهَبْ } وعيد من موسى، ولذا [فإن] السامري خاف فهرب فجعل يهيم في البرية مع الوحوش والسباع، لا يجد أحداً من الناس يمسه، حتى صار كالقائل لا مساس، لبعده عن الناس وبعد الناس منه. قالت الشاعرة:
حمال رايات بها قنعاسا
حتى يقول الأزد لا مساسا
القول الثاني: أن هذا القول من موسى [كان] تحريماً للسامري، وأن موسى أمر بني إسرائيل ألا يؤاكلوه ولا يخالطوه، فكان لا يَمَسُّ وَلاَ يُمَسُّ، قال الشاعر:
تميم كرهط السامري وقوله
ألا لا يريد السامري مساسا
أي لا يُخَالِطُونَ وَلاَ يُخَالَطُون. { وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَّن تُخْلَفَهُ } يحتمل وجهين: أحدهما: في الإِمهال لن يقدم. الثاني: في العذاب لن يؤخر. قوله عز وجل: { وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً } فيه وجهان: أحدهما: أحاط بكل شيء حتى لم يخرج شيء من علمه. الثاني: وسع كل شيء علماً حتى لم يخل شيء عن علمه به.