الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلَقَدْ قَالَ لَهُمْ هَارُونُ مِن قَبْلُ يٰقَوْمِ إِنَّمَا فُتِنتُمْ بِهِ وَإِنَّ رَبَّكُمُ ٱلرَّحْمَـٰنُ فَٱتَّبِعُونِي وَأَطِيعُوۤاْ أَمْرِي } * { قَالُواْ لَن نَّبْرَحَ عَلَيْهِ عَاكِفِينَ حَتَّىٰ يَرْجِعَ إِلَيْنَا مُوسَىٰ } * { قَالَ يٰهَرُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوۤاْ } * { أَلاَّ تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } * { قَالَ يَبْنَؤُمَّ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِيۤ إِسْرَآءِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي }

قوله تعالى: { قَالَ يَا هارُونَ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّواْ } يعني بعبادة العجل.

{ أَلاَّ تَتَّبِعَنِ } فيه وجهان:

أحدهما: ألا تتبعني في الخروج ولا تقم مع من ضل.

الثاني: ألا تتبع عادتي في منعهم والإِنكار عليهم، قاله مقاتل.

{ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } وقال موسى لأخيه هارون: أخلفني في قومي وأصلح ولا تتبع سبيل المفسدين فلمّا أقام معهم ولم يبالغ في منعهم والإِنكار عليهم نسبه إلى العصيان ومخالفة أمره.

{ قَالَ يَا بْنَ أُمَّ } فيه قولان:

أحدهما: لأنه كان أخاه لأبيه وأمه.

الثاني: أنه كان أخاه لأبيه دون أمه، وإنما قال يا ابن أم ترفيقاً له واستعطافاً.

{ لاَ تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلاَ بِرَأْسِي } فيه قولان:

أحدهما: أنه أخذ شعره بيمينه، ولحيته بيسراه، قاله ابن عباس.

الثاني: أنه أخذ بأذنه ولحيته، فعبر عن الأذن بالرأس، وهو قول من جعل الأذن من الرأس.

واختلف في سبب أخذه بلحيته ورأسه على ثلاثة أقوال:

أحدها: ليسر إليه نزول الألواح عليه، لأنها نزلت عليه في هذه المناجاة. وأراد أن يخفيها عن بني إسرائيل قبل التوبة، فقال له هارون: لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي ليشتبه سراره على بني إسرائيل.

الثاني: فعل ذلك لأنه وقع في نفسه أن هارون مائل إلى بني إسرئيل فيما فعلوه من أمر العجل، ومثل هذا لا يجوز على الأنبياء.

الثالث: وهو الأشبه - أنه فعل ذلك لإِمساكه عن الإِنكار على بني إسرئيل الذين عبدوا العجل ومقامه بينهم على معاصيهم.

{ إِنِّي خَشيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرآئِيلَ } وهذا جواب هارون عن قوله: { أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي } وفيه وجهان:

أحدهما: فرقت بينهم بما وقع من اختلاف معتقدهم.

الثاني: [فرقت] بينهم بقتال مَنْ عَبَدَ العجل منهم.

وقيل: إنهم عبدوه جميعاً إلا اثني عشر ألفاً بقوا مع هارون لم يعبدوه.

{ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي } فيه وجهان:

أحدهما: لم تعمل بوصيتي، قاله مقاتل.

الثاني: لم تنتظر عهدي، قاله أبو عبيدة.