الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَىٰ مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجاً مِّنْهُمْ زَهْرَةَ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ } * { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِٱلصَّلاَةِ وَٱصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَٱلْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ }

قوله عز وجل: { وَلاَ تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ... } فيه وجهان:

أحدهما: أنه أراد بمد العين النظر.

الثاني: أراد به الأسف.

{ أَزْوَاجاً } أي أشكالاً، مأخوذ من المزاوجة.

{ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } قال قتادة: زينة الحياة الدنيا.

{ لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ } يعني فيما متعاناهم به من هذه الزهرة، وفيه وجهان:

أحدهما: لنفتنهم أي لنعذبهم به، قاله ابن بحر.

الثاني: لنميلهم عن مصالحهم وهو محتمل.

{ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى } فيه وجهان:

أحدهما: أنه القناعة بما يملكه والزهد فيما لا يملكه.

الثاني: وثواب ربك في الآخرة خير وأبقى مما متعنا به هؤلاء في الدنيا.

ويحتمل ثالثاً: أن يكون الحلال المُبْقِي خيراً من الكثير المُطْغِي.

وسبب نزولها ما رواه أبو رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استلف من يهودي طعاماً فأبى أن يسلفه إلا برهن، فحزن وقال: " إني لأمين في السماء وأمين في الأرض، أحمل درعي إليه " فنزلت هذه الآية.

وروى أنه لما نزلت هذه الآية أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديه فنادى: من لم يتأدب بأدب الله تعالى تقطعت نفسه على الدنيا حسرات.

قوله عز وجل: { وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ } فيه وجهان:

أحدهما: أنه أراد أهله المناسبين له.

والثاني: أنه أراد جميع من اتبعه وآمن به، لأنهم يحلون بالطاعة له محل أهله.

{ وَاصْطَبِرْ عَلَيهَا } أي اصبر على فعلها وعلى أمرهم بها.

{ لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ } هذا وإن كان خطاباً للنبي صلى الله عليه وسلم فالمراد به جميع الخلق أنه تعالى يرزقهم ولا يسترزقهم، وينفعهم ولا ينتفع بهم، فكان ذلك أبلغ في الامتنان عليهم.

{ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى } أي وحسن العاقبة لأهل التقوى.