الرئيسية - التفاسير


* تفسير النكت والعيون/ الماوردي (ت 450 هـ) مصنف و مدقق


{ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ ٱلْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } * { فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } * { لاَّ تَرَىٰ فِيهَا عِوَجاً وَلاۤ أَمْتاً } * { يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ ٱلدَّاعِيَ لاَ عِوَجَ لَهُ وَخَشَعَتِ ٱلأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَـٰنِ فَلاَ تَسْمَعُ إِلاَّ هَمْساً }

قوله عز وجل { وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْجِبَالِ فَقُلْ يَنسِفُهَا رَبِّي نَسْفاً } فيه قولان:

أحدهما: أنه يجعلها كالرمل ثم يرسل عليها الرياح فتفرقها كما يذري الطعام.

الثاني: تصير كالهباء.

{ فَيَذَرُهَا قَاعاً صَفْصَفاً } في القاع ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه الموضع المستوي الذي لا نبات فيه، قاله ابن عباس، ومجاهد، وابن زيد.

الثاني: الأرض الملساء.

الثالث: مستنقع الماء، قاله الفراء.

وفي الصفصف وجهان: أحدهما: أنه ما لا نبات فيه، قاله الكلبي.

الثاني: أنه المكان المستوي، كأنه قال على صف واحد في استوائه، قاله مجاهد.

{ لاَّ تَرَى فِيهَا عِوَجاً وَلآَ أَمْتاً } فيه خمسة أقاويل:

أحدها: عوجاً يعني وادياً، ولا أمتاً يعني ربابية، قاله ابن عباس.

الثاني: عوجاً يعني صدعاً، ولا أمتاً يعني أكمة، قاله الحسن.

الثالث: عوجاً يعني ميلاً. ولا أمتاً يعني أثراً، وهو مروي عن ابن عباس.

الرابع: الأمت الجذب والانثناء، ومنه قول الشاعر:

ما في انطلاق سيره من أمت   
قاله قتادة.

الخامس: الأمت أن يغلظ مكان في الفضاء أو الجبل، ويدق في مكان، حكاه الصولي، فيكون الأمت من الصعود والارتفاع.

قوله تعالى: { وَخَشَعَتِ الأَصْوَاتُ لِلرَّحْمنِ } قال ابن عباس: أي خضعت بالسكون، قال الشاعر:

لما آتى خبر الزبير تصدعت   سور المدينة والجبال الخشع
{ إلاَّ هَمْساً } فيه ثلاثة أقاويل:

أحدها: أنه الصوت الخفي،قاله مجاهد.

الثاني: تحريك الشفة واللسان، وقرأ أُبيّ: فلا ينطقون إلا همساً.

الثالث: نقل الأقدام، قال ابن زيد، قال الراجز:

وهن يمشين بنا هَمِيسا   
يعني أصوات أخفاف الإِبل في سيرها.